أسأل الله الرحمة والغفران لشهيدنا مرسي، وأريد أن أترجم وأقدم لكم هذه الرسالة المليئة بالمعاني والمشاعر، والتي كتبها صديق مرسي الدكتور أحمد عبد العزيز والد الشهيدة حبيبة.
في البداية سلام الله عليك في الأولين، وفي الآخرِين، وفي الملأ الأعلى إلى يوم الدين ، كنت أكتب إليك - في الماضي - لأواسيك، واليوم، أكتب إليك؛ لأهنيك، فأنت لم تتحرر من أغلال سجانيك فحسب، بل تحررت من الدنيا بأسرها، برجسها، بسفهائها، بأنذالها ..
كل شيء بقي وراءك والآن لا يوجد هذا ولا ذاك، لا أولئك الذين قالوا يوم اختارك الشعب: نحن أحق بالملك منه، ولا أولئك الذين نازعوك في شرعيتك، حسدا وبُغضا .
أتخيلك - سيدي - وأنت تنظر إلى نفسك ،ربما في مرآة مرصعة بأحجار الجنة، وربما في صفحة نهر من أنهارها، تبحث عن نظارتك، فلا تجدها، فتقول: يا إلهي !! بصري ـ بلا نظارة ـ أقوى مما كان !! كيف يكون ذلك ؟!
تُحدق في لحيتك، فيدهشك اختفاء الشيب ،لا صداع .. لا وهن، لا أنسولين، تنهض في نشاط لم تعتد عليه، تضرب صدرك بقبضتيك، من فرط العافية ..تسأل، وأنت تدور حول نفسك، وتنظر في كل اتجاه :
أحيٌّ أنا أم ميّت ؟! إن كنت حيا، فأين الزنزانة والسجان ؟! وإن كنت ميتا، فلست في القبر ؟! أين أنا ؟! لست في زنزانتي، ولا في سيارة الترحيلات، ولا في القفص الزجاجي !! فهذا عالمي الذي أعرفه، أم أني مِت دون أن أشعر ؟!
لكن !! أي موت هذا الذي يرد للإنسان عافيته، وبصره، ويمحو الشيب من لحيته ورأسه.. أم أني كنت أعيش كابوسا، واستيقظت ؟!
لدي رغبة في الركض، أذكر أنني كنت ممنوعا، حتى من المشي..’ما هذه الطيور البديعة التي تسابقني ؟!
وما هذه الأصوات العذبة التي تطربني ؟! ما هذا الحشد الكريم ؟! وما هذه الوجوه النضرة ؟! نحن أهل رابعة، والنهضة، والمنصة، والحرس الجمهوري، ورمسيس، والقائد ابراهيم، والمنصورة، و مجاهدي غزة الذين دعمتهم بالسلاح في فترة حكمك وغيرهم.
سيدي الرئيس ..
لكونك مشغول، فربما لا تعرف أن مسلمي فلسطين صلوا عليك صلاة الغائب، تم التعميم على جميع مساجد غزة بأدآء صلاة الغائب عليك وفي المسجد الأقصى المبارك أيضا، وتحت الحراب الصهيونية، وكذلك فعل المسلمون في أرجاء المعمورة، إلا بلاد الحرمين، أتدري لماذا سيدي الرئيس ؟! لأن هذه البلاد المباركة، تعيش اليوم رِدَّة جديدة، ولا أبا بكر لها .
وربما لا تعرف - سيدي الرئيس - أن أخاك رجب طيب أردوغان، جاء خصيصا من أنقرة إلى اسطنبول؛ ليصلي عليك صلاة الغائب، وإن سألت عن السبب .. فلأن أشقاءنا الأتراك يرون في اسنطبول (تركيا الصغيرة) بأعراقها وتاريخها، وهو ما لا يتوفر في مدينة أخرى مهما كان شأنها .
لكن ما تعرفه حقا - سيدي الرئيس - أن جثمانك الطاهر، مُسجى بجوار مرشدي الإخوان الراحلين، رضوان الله عليهم أجمعين، فإن كنت سعيدا بهذه الصحبة المباركة ـ ولا أشك في ذلك ـ فهنيئا لك ..
إلا أنني وغيري، نرى أن قاتليك أرادوا ـ بذلك ـ أن يخلعوا عليك صفةً تنظيمية في جماعة صنّفوها إرهابية؛ كي يسقطوا عنك صفة الوطنية، ولكن خاب مسعاهم، فأنت سيدي الرئيس .. كنت رئيسا لمصر، ولم تكن مرشدا للإخوان، لذا، فإن مُحبيك في أرجاء الأرض - وهم بالملايين - قد جعلوا منك رمزا "أمميا"، لا مصريا ولا إخوانيا .
سيدي الرئيس، لا أقول وداعا، ولكن إلى اللقاء .
أحمد عبد العزيز
خير الدين كارامان