الجيوش العربية إلى أين المآل؟


حين تنحرف الجيوش عن مسارها تفتقد كل مسوغ لوجودها، وتصبح عبئًا مرهقًا ثقيلاً على الشعوب، فهي منذ عقود لم تحقق أي انتصار، وقضية العرب التي كانوا يصنفونها على أنها قضيتهم الأولى خسروها بدرجة لم يكن يطمح إليها الخصم بفضل هؤلاء الحكام واستراتيجية جيوشهم.

رغم إنفاقهم العسكري الهائل، لم يحققوا من القوة ما يناسب إنفاقهم على برامج التسلح، وبينما ترتقي الأمم الأخرى إلى مصافّ الدول المتقدمة يتراجع العرب إلى الخلف، وترتفع معدلات الجهل والأمية، وتتفشى الأمراض، ويستشري واقع التضعضع والتفكك. 

ومن مظاهر الانهيار المعنوي في العالم العربي أن الحاكم العربي لا يستأسد إلا على شقيقه أو شعبه، فحين تحدث مشادة أو خلاف سياسي نرى القوي منهم يستعرض كل عوامل قوته وإمكاناته العسكرية ويستنفر جيشه أمام خصمه مهدداً بمحاربته، ولكن حينما يكون الخلاف مع عدو خارجي تتغير المعادلة ويختلف السلوك فلا مجال هنا للتباهي أو الاستعراض أمام العدو الخارجي فالخنوع سيد الموقف.

أصبحت الجيوش العربية أكبر عائق في طريق نشر قيم الديمقراطية والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وباستعراضنا لسلوكيات بعض الجيوش العربية يتجلى لنا حجم الأضرار التي ألحقها العسكر بالشعوب، وحجم الجرائم التي ارتكبوها والعسف الذي مارسوه، حيث يتبين ان هذه الجيوش بكل تسليحها كانت موجهة لهدف واحد هو القضاء على الديموقراطية لإحباط أي تقدم في البلاد.

الجيش السوري تحول إلى جيش عصابة هدفه حماية الحاكم وقبيلته فقط، مستخدمين أكثر من ٤٠٠٠ دبابة و٤٥٠ طائرة وآلاف المدافع والصواريخ والبراميل والكيماوي ثم استعانوا فوق ذلك بأقوى دول العالم من أجل إخماد ثورة شعب، وكذلك يفعل السيسي الانقلابي مؤلباً جيش مصر على شعب مصر، يقتل من الأبرياء كما يشاء بلا حساب. 

من هنا فإن الشعوب العربية اليوم أمام خيارين إما: حل هذه الجيوش، أو إعادة بنائها على قيم الديموقراطية.

 

ولابد من استعراض ما ينفقه حكام العرب على الجيوش والتي غايتها محاربة الشعوب وإيقاف تطلعاتها لبناء ديموقراطيات تستنهض قيم الحرية والعدالة والبناء: السعودية: 75 مليار دولار ، قطر: 19 مليار دولار ، الإمارات العربية المتحدة: 15 مليار دولار ، الجزائر: 6.4 مليار دولار ، الكويت: 2.5845 مليار دولار ، مصر: 4.05 مليار دولار ، المغرب: 2.3056 مليار دولار ، الأردن: 1.46 مليار دولار ، العراق: 1.3 مليار دولار ، ليبيا: 1.3 مليار دولار ، اليمن: 0.8855 مليار دولار ، سوريا: 0.858 مليار دولار ، البحرين: 0.6289 مليار دولار ، السودان: 0.587 مليار دولار ، لبنان: 0.5406 مليار دولار ، تونس: 0.356 مليار دولار ، عمان: 0.25299 مليار دولار.

أليس الأجدى حل هذه الجيوش وتحويل ميزانياتها لبناء المستشفيات وتأمين صحي للمواطنين، ورفع معدلات رواتبهم وتأمين قروض سكنية ميسرة لهم وبناء مختبرات علمية وجامعات متقدمة وإنارة قراهم المعتمة وتأمين الأعمال لخريجي جامعاتهم، بدل هجرة هؤلاء العلماء إلى خارج أوطانهم ليستفيد منهم الآخرين؟!

 

 

هشام النجار

معارض وكاتب سوري

 

 
Whatsapp