سَنُدرِكُ بَعدَ الدمار العظيم
فداحةَ ما ارتكبته يدانا
وفي كوكبٍ فاحمٍ
سوف ينجو قليلٌ من الخَلقِ
تَحتَ سماءٍ مُلبَّدةٍ بالهواءِ المُميتْ
فلابُدَ من شاهدٍ للسديمِ
وللمدن الشاهقات
إذا ما استحالت رماداً
ليمتد في الأُفق ذاك الهَشيمْ
سَتَطفو على سطحِ ماءِ البِحارِ
صُنوفُ السَّمَكْ
وبَحّارةٌ
ومَحارٌ قتيلٌ
بِمَلحَمَةٍ للرحيلِ الجماعيِّ
بلا شهقةٍ أو جنازات حُزنٍ
بلا دمع يَجري على مَن هَلَكْ
سينجو رجالٌ على متن مركبةٍ للفضاءِ
إلى حين آخرِ قِطعَة خُبزٍ وقَطرَة ماءْ
يكونون آخر من يلتقِطْ صورةُ الفاجِعَه
وذاكَ التَّحوُّلُ مِن أَزرقٍ
سابحٍ في الفراغِ
إلى مَحضِ أُسطورَةٍ موجِعَه
سيجثو الغُبارُ الكثيفُ
على سطحِ ردمِ المبانيْ
وتغدو البُحَيراتُ سَبْخاتِ زَيتٍ
هُبابٌ يَطير
وما مِن إِوَزٍّ وبطٍّ ومرعى
تذوبُ جِبالُ الجليدِ
وتَهوي البطاريقُ
تهوي جُموعُ الأيائِلْ
وسَطحُ المِياهِ كَئيبٌ كَتيمٌ
بلا ضَوءَ أو لمْعَةٍ أو بَريقْ
وتَحتَ الركام وأَشلاء كونٍ
تموت الحضارةُ والذِكرياتْ
ويبتلعُ الصَّمْتُ صَوت الأغاني
لأنّا سَلكنا سُلوكَ الغُزاة
على الأرض كنّا لها ناهبين
وكنّا قساةً جِلافاً صلافاً
ولَم نَكُ أولادُها الطيبين
وكُنّا القراصِنَةَ حينَ أردنا اقتسامَ الكُنوز
ومقتَلُنا كانَ حُبُّ التَّمَلُّك
مُنْذُ اختراع السُيوفِ
وحتى الدَّمارِ الأَخيرْ
ولَم يَلجُمِ الحَرب
عَدْو غَزالٍ
ولا روعة اللونِ وقت الشروقْ
ولا الطِفلُ يَلثَغُ أُولى الحروفِ
ولا الثلجُ يَسطَعُ فَوقَ الجِبالْ
ولَم يوقِفِ الحرب
صوتُ المُغنّي
ولا السِحر في مُدهِشاتِ الأوابِدِ
لا مُتعَة الصيفِ عِندَ السواحِلِ
لا كوخ في غابةٍ قُربَ نَهر
يغازل أقصى حدود التمني
ولَم يوقِفِ الحرب
غيرُ الخرابْ
فهل قلتُ: إنّا سندركُ؟
لن نُدْرِكَ
بَعدَ حُدوثِ الذي سيكون
فلا وقتَ كي نَستعيدَ الحظوظَ
إذا ما قَفَزْنا
الى خارِجِ الوقت يوماً ورُحنا
نَحثُّ الخُطى خَلفَ عند الطواغيتِ
حُمق الطواغيتِ
لؤم الطواغيتْ
ولم نوقِفِ اليومَ هذا الجُنونْ.
سميح شقير
فنان وشاعر سوري