توحدوا لننتصر


 

إذا عدنا إلى التاريخ نرى أن النبي محمد(ص) استطاع توحيد العرب فأسس لنهضة لاحقة وهزم الروم والفرس، وهكذا شهدت الإنسانية حضارة سميت بحق الحضارة العربية الاسلامية.

وهذا ما فعله صلاح الدين الايوبي الذي وحد العرب والكرد في مواجهة الغزاة الفرنجة وهزمهم بعد١٠٠ سنة من هيمنتهم التي استمرت بسبب تمزق القبائل العربية وتصارعها مع بعضها البعض، مما أدى إلى إضعافها وتبعية قسم منها لقادة الفرنجة، وأتى صلاح الدين ليغير الواقع ويؤمن واقع جديد سمح بانتصاره التاريخي وطرد الغرباء.

ما فعله السوريون في الثورة السورية الكبرى ضد الاستعمار الفرنسي أنهم توحدوا وعينوا السلطان باشا الأطرش قائدًا للثورة السورية، وكانت سورية أول دولة من دول المستعمرات تحقق استقلالها بعد الحرب العالمية الثانية.

هذا منطق التاريخ وهذه التجربة الملموسة التي يجب أن نستفيد منها، نحن في الثورة السورية مقسمين إلى فرق ومجموعات مبعثرة ومتصارعة، وكل منا يعتبر نفسه (الفرقة الناجية، والأكثر ثورية من غيره) مما أدى إلى استمرار النظام لتسع سنوات، وتوغله في دم السوريين، وفي تدخل دول العالم المختلفة في بلادنا بأسلحتها وجيوشها ومرتزقتها، وحتى عصابة صغيرة كحزب الله أصبح لها صولة وجولة وكلمة في بلادنا، وأدى هذا الواقع إلى تبعية أقسام كبيرة من تجمعاتنا للخارج الاقليمي والدولي مما أفقدنا القدرة على التحكم في مستقبلنا، وأصبح الخارج يعين ممثلي الثورة ويبدلهم ويضيف مؤسسات المعارضة ليحقق أهدافه في زيادة الهيمنة والتحكم، ونحن ما نزال نتصارع ونتهم بعضنا البعض بالانتهازية والتبعية وإلى ما هنالك من اتهامات تساعد على استمرار تبعثرنا وتبعيتنا وتعثر ثورتنا وتقديم المزيد من الشهداء والضحايا.

في محاولة لتوحيد القوى كحاجة موضوعية للثورة، بدأت تظهر دعوات لمؤتمرات عديده ستزيد من تبعثرنا وتبعيتنا، وعقد مؤخرًا مؤتمر باريس برعاية فرنسية وقيادة ممثلين عن قسد، مما أدى إلى فشله، وهكذا العديد من المؤتمرات التي عقدت وستعقد بإشراف ودعم من الخارج ، وهناك العديد من المؤتمرات التي يُحضَّر لها من قبل قوى وتيارات وشخصيات وطنية. لكن المطلوب هو مؤتمر وطني واحد يتفق على وثيقة سياسية وقيادة تنفذ الوثيقة ومجلس يراقب القيادة.

المؤتمر الوطني لا يعني دعوة الجميع أو إشراكهم بالقيادة، المطلوب حتى ننجح أن نستبعد من فشل في العمل القيادي، أو حاول الهيمنة على مؤسسات الثورة، أو ارتبط بالخارج، وبدون وحدتنا القائمة على الاعتراف بتعددية الرؤى والاتفاق على المشتركات واستبعاد الفاشلين، والتخلص من التبعية، سنبقى ندفع ثمنًا باهظًا من أرواح الشباب والمدنيين بدون أن نحرز أي تقدم ذا قيمة.

 

 

 منصور الاتاسي

 معارض سوري 

 

 

Whatsapp