زورقاً للانتحار، مركباً للغيابات،
سليلَ النفايات المدورة
نعشاً من المطّاط
الفردةَ الضائعةَ من خفّ عملاق الموت
سمّوني ما شئتم
أنا لا يهمّني اسمي
فليس لعابرٍ بين ضفّتين ما يستحق الخلود
بي ثقة أنّي لست أقلّ حناناً من حوت يونس
وبي ما هو أعلى من رأفة الدلفين
يغرق ناسٌ
فأُوضع في عناوين نشرات الأخبار
نبأً مشؤوماً
ويسودُّ وجهي أكثر مما أنا فيه
ولو كنت من خشبٍ لقالوا:
الموج غدّار
وبقيت أدخل في بطاقات الأعياد
معلّقا بحبل إلى شمس المغيب
ولو كنت من ذوات الاْشرعة لقالوا:
اشتعل الشوق في قلب الملّاح
فتاه البوصلة
ودخلتُ الفنّ من باب الرّواية
وينسون أني لا أكثر من قارب لصيّاد فقير
أعيش بأنفاس مستعارة
وتخدشني في الخضمّ زعنفةٌ واحدة
هم حمّلوني ما لا طاقة لي به
وأسبح بضمادي كجريح يفتك بعظامه الملحُ
وينسون تلك المراتِ الكثيرة
لمّا كنت ألقي على الشاطئ الآخر
كلَّ هؤلاء البشر
لم يعرفوا أبداً
أنّه كان بوسعي أن أفسح المكان لموجة
فتسحب ظهره وتطعم عينه الثانية لصغار السمك
ذلك الأعور
الذي كان يغمز لصديقه
أنّ ثدي الأمّ التي كانت ترضع ابنها
كي يكفّ عن البكاء
إنّما هو أقرب إليه من جيب العجوز
كرمى لحليب
نقط على شفاهي المشتاقة
لأمّ لم أعرفها يوماً، تركته
كان بوسعي
أن أجعل وجه تلك المرأة
يطفو على سطح الماء كقناع من البلاستيك
فقد باعت حبّة الدّوار لفتاة
جاءتها العادةُ وسط البحر
كرمى لعيْنَيها الغارقتين في الافق
كظمتُ غيظي
لم يعرفوا أبداً
أنّه كان بوسعي أن أتمارض
أمام خفر السواحل
فيسحبوني إلى سرير الرّمل
ويسودّ حظّ ركّابي معي
وأنّه من أجلي لا من أجل أقدامهم
كان الشاطئ
يقلب حجارته المسنّنة على قفاها
يعرف أنّي أريد
أن أتابع مع الدواليب الطافية
طريقنا إلى أبد الحكايات الغامضة
أنّي لم أعتب على واصل لم يلتفت إليّ
ولا على جاحدين لرفاقي سُترات الفلّين
ما إن ينجوا حتّى يُلقوا بها في المكبّات كديَكة ٍنافقة
ولكنّي لن أنسى
ذلك الوجه الذي لم يعد أصفر
كيف يهجم نحوي كقرش
دون أن يسمع هتافي
"حتّى أنت!
من أين لك هذا القتل اللئيم؟
حتى تبعج بهذه السكّين المثلّمة
كبِداً كانت قبل قليل
تكاد أن تنفرط حزناً عليك!"
سلام حلّوم
شاعر وكاتب سوري