صادف (21 آب/أغسطس من هذا العام) الذكرى السادسة لمجزرة الغوطة الشرقية التي استخدم فيها نظام الأسد السلاح الكيماوي، والتي راح ضحيتها أكثر من 1400 شهيد بينهم 426 طفلاً.
في نهاية آب/أغسطس أعلنت الولايات المتحدة عن " شكوك قوية " بأن النظام مسؤول عن الهجوم. وفي 16 أيلول/سبتمبر نشرت الأمم المتحدة تقريراً لخبرائها الذين حققوا في الهجوم، يتضمن " أدلة واضحة " على استخدام غاز السارين. وقبل يومين من ذلك، أدى توقيع اتفاق أميركي / روسي في جنيف حول تفكيك الترسانة الكيماوية للنظام السوري، إلى إبعاد خطر ضربات كانت تعتزم واشنطن وباريس توجيهها لنظام دمشق.
كان ذلك مروعاً بالنسبة للسوريين وخيبة أمل تجاه المجتمع الدولي وفي مقدمته أميركا وروسيا اللتان ساومتا في ترك يد النظام على المزيد من القتل والإجرام مقابل تمرير سياسات تضع الثورة والشعب السوري بين خيارين " فإما الاستسلام لإرادة النظام المجرم أو الهروب من الموت الذي بدأ يلاحقهم في كل بقعة من أرض الوطن ".
ومع تكرار استعمال الكيماوي بعد أن "أكدت روسيا أن النظام سلم كامل ترسانته من السلاح الكيماوي تنفيذاً للاتفاقية بين أميركا وروسيا" إلا أنه في الأعوام التالية وفي العديد من المناطق تم تنفيذ هجمات ضد الآمنين من الغازات السامة كغاز الكلور والخردل، والتي تم التأكد منها وفقاً لما ورد في تقرير للأمم المتحدة في تشرين الأول لعام 2016 من " أن مروحيات تابعة للحكومة السورية ألقت براميل تحوي غاز الكلور على المنطقة (شمال غربي إدلب). وعلاوة على تأكيدات البعثات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان فقد استخدم النظام مئات المرات تلك الغازات السامة لقتل أكبر عدد من المواطنين. حيث أقر النظام للمرة الأولى امتلاكه أسلحة كيماوية، وهدد باستخدامها في حال حصول تدخل غربي، لكن ليس ضد الشعب، كان ذلك في 23 تموز 2012. إلا أنه استخدم ضد الشعب وأباح البلاد لتدخلات فقدت الدولة معها السيادة وانتشرت الفوضى بشكل مرعب.
لم تكن مجزرة الغوطة الشرقية في 21 آب/أغسطس 2013 المرة الأولى والأخيرة التي يستخدم فيها النظام الأسلحة الكيماوية، إذ سبق له أن استهدف مدن ومواقع سورية أخرى قبل هذا التاريخ. وبعدها كما أسلفت!
يرى محللون ومتابعون أن " تراخي الإدارة الأميركية والدول الغربية في عملية التفاعل مع هذا الانتهاك الخطير الذي قام به النظام، بدءاً باعترافه الصريح بملكيته للسلاح الكيماوي، وتمييع قضية استخدامه بين إنكار وطلب تحقيق، دفع به لشن هجومه الكبير على بلدات الغوطة الشرقية والمعضمية بريف دمشق، في آب/أغسطس من العام 2013 ".
من كل ما سبق أريد أن أشير بوضوح إلى أن الموقف الدولي منذ بداية الثورة كان باتجاه تمييع الحالة السورية ودفعها نحو التدويل مع خطف إرادة السوريين لقلب المشهد بكليته من ثورة الحرية والكرامة إلى صراع يشبه الحرب الأهلية من جهة، والحرب بين النظام والإرهاب من جهة أخرى. وأن الدعم المزعوم للثورة والشعب السوري ضد النظام كان يهدف إلى إطالة الحرب وإدخال مجاميع إرهابية إلى الساحة لتنفيذ مخطط محسوب من الدول المزعومة. وإلا كيف اجتمعت الدول لمعاقبة صدام حسين على أنه يمتلك السلاح الكيماوي ويتهرب من الرقابة، بينما الأسد اعترف واستعمله ضد الأبرياء، وكانت ضحاياه آلاف من القتلى والمصابين، إضافة إلى التهرب من تسليم كافة ترسانته للمنظمة الدولية، ولقد أثبت ذلك من خلال استعماله لتلك الغازات الكيماوية مئات المرات بعد تسليمه كمية من تلك الترسانة للمنظمة الدولية من دون عقاب وحساب.
وهذا يعني بشكل واضح ومفضوح أن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية ما ارتكب النظام من الجرائم ضد الشعب السوري، وفي مقدمة دول مجلس الأمن روسيا التي كبلت المجلس باستعمالها الفيتو لصالح استعمال الكيماوي، وكذلك أميركا التي تراخت واتخذت سياسة إدارة الصراع من دون وضع حد له. المجد والخلود لشهداء ثورة الحرية والكرامة. النصر لصرخة الشعب السوري في ثورته المستمرة. الخزي والعار للمجتمع الدولي الذي ترك الشعب السوري في مواجهة الإجرام. الموت الزؤام للنظام المجرم ورأسه المتوحش الذي لم يشبع من الدم السوري بعد.
أحمد قاسم
رئيس القسم الكردي