"مُكافحَة الإرهاب" مع "خفض التصعيد"


 

 

ملأ الروس الدنيا جعجعةً في الخامس عشر من أيلول/سبتمبر 2015 بمبرر تدخلها المحدود في سورية ولمدة شهر واحد فقط، للقضاء على داعش كأكبر خطر إرهابي يهدِّد العالم.

مما لا شك فيه أنَّ جميع وحوش العالم المسماة مجازاً "دُولاً" قد رحّبت بهذه الخطوة الرّوسيّة، خاصة وأنَّ الشّعار الذي رفعه الرّوس شعاراً برّاقاً، وهو "القضاء على الإرهاب"، لكن وبحجة الإرهاب كم من الجرائم البشعة نُفِّذت، وكم من الأبرياء قُتلوا، وكم من المخططات الخبيثة مرّت على الشّعوب تحت هذا الشّعار الكاذب.؟

فَعلها الأميركيون من قبل ورفعوا هذا الشّعار في العراق وأفغانستان، بينما كان الهدف استعمارياً بامتياز لتدمير هذين البلدين والسيطرة عليهما.

لكن القضاء على الإرهاب أو داعش أو جبهة النصرة بالنسبة لكل الذين تدخلوا في سورية مجرد شعار وغطاء لتحقيق الأهداف والمطامع الاستعمارية.

السؤال المهم هنا: كيف يمكن أن نصدق مثل هذه الدّول الملطخ سجلها بأبشع الجرائم بحجة مكافحة الإرهاب.؟ ما دامت "أمريكا" قد غطت جرائمها تحت هذا الشّعار، فلماذا لا ترفع روسيا شعار "القضاء على الإرهاب" في سورية للتغطية على غزوها الاستعماري لهذا البلد، والذي لا يختلف مطلقاً عن الغزو الأميركي للعراق وأفغانستان؟

الرّوس لم يتحدثوا ولم يهددوا مطلقاً بمهاجمة قوى المعارضة السورية عندما تدخلوا في سورية، بل أعلنوا أنهم سيستهدفون الدواعش والإرهابيين، لكن مرت الأيام والسّنين ولم يطلق الروس طلقة واحدة على الدواعش، بينما راحوا يخططون عسكريّاً وسياسياًّ لطرد كل فصائل المعارضة من المناطق التي تسيطر عليها وإعادتها إلى حضن الوطن/ للنظام.

"خفض التصعيد" أيضاً من الشعارات التي غطّت روسيا جرائمها تحته، هو شعار جديد نفهم منه الهدوء والاستقرار وإعادة القليل من الأمان لبعض السوريين في المناطق التي يشملها هذا الشّعار بعد سنوات من الصراع الدامي الذي حرق "الأخضر واليابس" لكنَّ الخديعة في هذه الدولة الفاشيّة بدأت تتكشف شيئاً فشيئاً وبدا واضحاً أن الهدف مما يُسمى بـ"خفض التصعيد" هو القضاء على كل فصائل المعارضة السورية التي تواجه النظام عسكريّاً.

لقد سقطت محافظة ريف دمشق تحت شعار "خفض التصعيد"، وسقطت درعا تحت شعار "خفض التصعيد" وأخيراً ريف حماه الشمالي، وتم نقل كل من يقاتل ضدّ النّظام وروسيّا إلى إدلب بموجب "خفض التصعيد". ليس لحمايتهم إنما للخلاص منهم بعد (تنظيف سورية) من فصائل المعارضة.

وأصبحت إدلب بموجب لعبة "خفض التصعيد" المحشر الكبير لكل فصائل المعارضة كي يتم القضاء عليها دفعة واحدة.

ومازال عرّابو المعارضة يذهبون إلى أستانة وسوتشي وغيرها من اجتماعات الزُّور بحق السّوريين، وهم على يقين مطلق بأنّهم في مؤخرة القافلة سياسيّاً واجتماعيّاً وحتى ثقافياً.

لا يجب الوقوع في خديعة الشعارات التي يطلقها ثعالب السيّاسة، فقط قارنوا بين ما رفعته روسيا في الخامس عشر من أيلول/سبتمبر عام 2015 من شعارات، وما فعلته في سورية يومنا هذا.

 

 

المثنى سفان

كاتب سوري

 
Whatsapp