روسيا في سورية تأبيد استباحة الدم السوري


 

 

في العام الخامس للاحتلال الروسي لسورية، ووصول الحال في سورية إلى أسوأ ما يكون، لابد من فهم ما يحصل في سورية وما قد حصل منذ عام ٢٠١٥م جراء التدخل الروسي نصرة للنظام السوري.

الثورة السورية انطلقت في آذار/مارس ٢٠١١م امتداداً لموجات الربيع العربي، فخرج الشعب السوري لإسقاط نظام الاستبداد، مطالبًا بالحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية، لكن النظام لم يستجب لمطالب الناس واعتمد سياسة البطش، وأدى ذلك لردود فعل من الشعب بتشكيل مجموعات عسكرية مواجهة للنظام / الجيش الحر، كما بدأ جيش النظام بالتفكك وانشق الكثير من ضباطه، وبدأ يخسر النظام مدناً وبلدات كثيرةـ بحيث أصبحت في توقيت ما معظم سورية وشعبها خارج سيطرة النظام.

 استعان النظام بكثير من أبناء الطائفة، كما استعان بحزب الله اللبناني وإيران واستفاد من دعمها العسكري والمالي، وكذلك استدعى مرتزقة طائفيين عراقيين وأفغان وغيرهم، كل ذلك لم يمنع تهاويه واقتراب سقوطه.

وتداعت الدول الراعية للنظام السوري، أمريكا وروسيا و(اسرائيل) لكونه يمثل استمراراً لشبكة مصالحها في المنطقة، وأعطيت روسيا الضوء الأخضر للتدخل في سورية لتفعل أي شيء لوقف سقوط النظام السوري، وبالفعل دخلت روسيا بقوة نارية جوية عالية جداً، استهدفت كل سوري في المناطق المحررة، ولم تترك بناء أو سوقاً ولا مدرسة ومستشفى أو حي مكتظ بالمدنيين إلا وقصفته ودمرته.

اعتبرت روسيا الشعب السوري عدوها وليس الثورة والثوار فقط، وانعكس هذا على ملايين الشعب السوري الذين بدأوا بالهجرة داخل سوريا وخارجها. 

كان للتدخل الروسي نتائج كارثية على الشعب السوري، فنصف الشعب السوري نازح ولاجئ داخلياً وخارجياً، وأكثر من مليون شهيد، ومثلهم مصاب ومعاق، وأكثر من نصف البنية التحتية السورية دمرت وسويت بالأرض، في حلب وحمص والمعضمية وداريا ودوما والرستن، وأصبحت خاوية تنادي أهلها.

كان وراء ذلك آلة الحرب الجوية الروسية، وحزب الله والايرانيين والمرتزقة الطائفيين على الأرض، الكارثة السورية فاعلها الأساسي هم الروس.

لم يكتف الروس بكسر الثورة السورية عسكرياً، وقتل وتشريد الشعب السوري، وتدمير سورية، بل زاد وأخذ دوراً سياسياً يتكلم بإسم النظام ويقود تحركاته السياسية، فهذه أمريكا والعالم كله يفوض روسيا بإدارة الملف السوري. 

استمرار النظام وتوافقات على الأرض بما تبقى بيد الثوار لعودة النظام حاكماً فعلياً لسورية ودون حدوث أي تغيير سياسي، سوى لجنة دستورية تنازع قبل الموت، كل ذلك برعاية روسيا، وبرضى وتوافق دولي.

روسيا الآن وفي الميدان ترعى تقدم النظام في ريف حماه وريف إدلب، متبعين سياسة الأرض المحروقة، ويتقدم النظام والإيرانيين وحزب الله على أنقاض بيوت وأشلاء الناس، مهددين أربع ملايين إنسان بمصير اللجوء والتشرد وتستمر المأساة السورية.

لقد كانت روسيا ومعها إيران وحزب الله والمرتزقة الطائفيين، الأدوات القذرة في لعبة قتل الشعب السوري وإنهاء ثورته، والعمل لإعادته عبداً في مزرعة النظام السوري المجرم القاتل.

هذه روسيا إلى الآن، والشعب السوري الذي أصرّ على ثورته وحقوقه، رغم عدم امتلاكه لإمكانيات المواجهة، الصراع مستمر والشعب السوري لن يتنازل عن حقه بالحرية والعدالة والديمقراطية، خاصة بعد تقديمه كل هذه التضحيات.

 

 

أحمد العربي

كاتب سوري

 

 
Whatsapp