إنّه لم يكن لنراه
لا لأنّه ليس من بنات الطّيف
ولا لأنّه يمتصّ كلّ الألوان
الأسْود ليس غياباً
المسوه
فله سماكة، حجم، برودة
صلابة، خشونة، ممرّات وأمكنة
وكثيراً ما يحضر أمامنا كشخص رديء
كأنثى عنكبوت، كغراب مصبّر
ولم يكن يوماً مجرّد إشارة
لماضٍ معتم في رايةٍ أو لوحة
ولم يكن نعتاً سلساً ومعتاداً
ليومٍ أو تاريخٍ أو حظٍّ أو سوقٍ أو كوميديا
المسوه
وتابعوا ويلاتِه
هكذا بالأصابع الرّاجفة نفسها
فهذه الأرملة لم تكن نحيفة
قبل أن تلبس ثوبَ الحداد للمرّة الثالثة
في أربع سنوات من ثلاثينها الأولى
وليست جميعُ المرايا
يتحدّب ظهرها من شريط على كتفٍ من زانٍ
وما كلُّ الشجر يدجّن في النّار
حتّى صار الهواء يتعثّر بأكوام الفحم
فتُشرّح بالماس جثةُ البلّور والنهرُ وكذلك الخريطة
المسوه
كيف يكبس على الأضلاع كصخرة
كلّما هبط الّليل؟!
وكيف ينتفخ قلبُ المقنوص من رشقة بارود
وكيف تشرم حفنةُ جلبانٍ شدقَ رحى؟!
المسوه
الأسْود ليس لوناً
سلام حلّوم