باسم أهل هذه المدينة الأكارم، أرحب بكم جميعا يا من أتيتم إلى غازي عنتاب من كل أنحاء الأناضول من الشرق إلى الغرب، إذ جئتم ولكل منكم العديد من القصص. لقد اجتمعنا هنا لنشارك بعضنا البعض ما جمعناه في قلوبنا وما حوته أفئدتنا من مشاعر وحدة وأخوة. هذا العام ها نحن ننظم هذا المعسكر والمخيم السنوي للشباب هنا لمناقشة مسؤولياتنا ، والعوائق بيننا ، ومحاولة إيجاد المخارج الجديدة لمشكلاتنا. سوف نحصل على الكثير من الإلهام من بعضنا البعض. من قصصنا ، لدينا الكثير من التجارب والممارسات التي تستحق أن نرويها لبعضنا البعض. سوف نشارك تجاربنا مع بعضنا البعض ونعيد إحياء ذكرياتنا واكتساب خبرات واساليب وطرق جديدة. نحن معا لإفساح المجال لاكتشافات جديدة ولاتخاذ طرق جديدة لاكتشاف وآفاق جديدة، دون أن نغرق ونضيع في ذكريات الماضي.
ففي حين أنه في بعض البلاد والمجتمعات لا يجتمع فيها ولو شخصان حتى يتشاطرا لقمة الخبز، فإنا كنا ولا زلنا نتقاسم موائد الإفطار مع إخواننا وأخواتنا في مناطق جغرافية كثيرة لا نعرفها ولا نعرف أهلها. في الأسبوع الماضي فقط، شاركنا الأضاحي التي ذبحناها مع أناس في مناطق كثيرة من العالم، وذلك تقربا إلى الله وطلبا لرضاه. وقد كنا شهودا على هذا القرب وهذه الأخوة والتضحية، لقد كنا في بوركينا فاسو، حتى لو لم نذهب من أجل الأضاحي فقد كانت السعادة والفرحة لمجيئنا في أعين الناس الذين يعيشون في تلك القارة المنسيّة مختلفة تمامًا، لقد كانت فرحة ذات مذاق مختلف. لقد ذهب العديد من إخواننا إلى العديد من الدول مع بصحبة جمعية تيكا TİKA الخيرية، كان هدف هؤلاء الإخوة هو تبادل الخبرات والتجارب. صادفنا وقابلنا هناك أشخاصًا ذهبوا من أرض الأناضول، من الذين يحملون قصة هذه الأرض، كانوا يفيضون بحماس وأمل ، كما لو كانوا ينتظرون أحد أفراد أسرهم.
إن هذه الجمعية وهذه المنظمة مختلفة عن الآخرين وملونة، ولكل واحدة منها شخصية مميزة، والجميع على هذه الأرض موجودون لتنفيذ الوظيفة والمهمة التي خلقهم الله لأجلها. إن اتحاد طلاب الأناضول هو عبارة عن منظمة شبابية تتبع لمنصة الأناضول. إن أفق هذا المجتمع هو المستقبل؛ بدءا من تعليم الحروف في المنزل وحتى التعليم الثانوي، ومن ثم إلى التعليم الجامعي، فمرحلة الشباب، ثم مرحلة أن يكونوا مدرسين وهكذا، أفقنا دائما المستقبل. نحن نمر بمرحلة صعبة، والعالم يعيش ويواجه العديد من الأزمات. إذ أننا في حال يجعلنا عاجزين عن التنبؤ بماذا سيفعل أي شخص وأي طرف. في الصباح تستيقظون على أول تغريدة تويتر تجدون العالم في مكان مختلف. السياسة تسير على متن طائرة في عالم آخر وعلى سطح آخر. أريد أن أركز وأتطرق لمواضيع مثل: ماذا يجري في العالم؟ وما الذي يجب أن نفعله؟ وأين نقف نحن الآن؟
الشباب هم أكثر الفئات الذين يتأثرون بالتغيرات المجتمعية الجارية. إن الشيء الوحيد الذي يمكن للإنسان أن يغيره ليس الماضي ولا الحاضر ولا المستقبل، بل هو أنتم أيها الشباب. الجميع يعول عليكم لاستكمال أحلامه التي لم يتمكن من تحقيقها وإكمالها في شبابه وعمره. من الواضح أن المجتمع لم ينجح في خلق قيم بنفس السرعة التي فرضت فيه التكنولوجيا نفسها على الحياة وبنفس سرعة المعايير والشروط الجديدة التي أدخلتها التكنولوجيا الحديثة إلى حياتنا اليومية، أي أننا لم ننتج قيما جديدا في مواجهة معايير التكنولوجيا الجديدة بنفس السرعة. التكنولوجيا تتغير بسرعة لدرجة أن العلوم الاجتماعية تفشل في تشكيلها ومواءمتها، كما أن العلوم الدينية متأخرة بضعة قرون في الرد عليها وتفسيرها والتكيف معها. الحياة التي نعيش فيها ديناميكية جدا وحركية، كما أن العقل المسلم والعقل الاجتماعي وراء ذلك وهو لا زال في القدم. إن مواجهة كل هذه التطورات والتكيف معها هو واجبنا الأساسي جميعنا. هكذا فإنكم أنتم الشباب أكثر من يتأثر بهذه التطورات وهذه العملية في هذا العصر المليء بالأزمات في مرحلة التحول هذه. بعد هذا البوم لا توجد أرض صلبة تحت أقدامنا ولا يووجد أساس قوي وسليم تحتها. وكل شيء نعتمد عليه يمكن أن يتغير في أي لحظة. لهذا فنحن بحاجة إلى قيم وأفكار وخير وسلوكيات توجهنا نحو الوجهة الصحيحة والسليمة. إنها لمشكلة خطيرة أن ما كنا بالأمس نفعله لم يعد كافيا ولا مناسبا لكي نبقى ذوي اعتبار في هذا العالم، وأننا وصلنا لحالة يتم ذكرنا فيها بالأخطاء والمشاكل. هذا هو الوقت المناسب لشبابنا لكي يأخذوا هم زمام المبادرة. هذا ما نراه ونتعلمه من نبينا محمد صلى لله عليه وسلم. إذ شارك النبي صلى الله عليه وسلم وهو في العشرينات من عمره في تنظيم "حلف الفضول" الذي كان يعمل من أجل أمن مكة ومن لصالح الأيتام والمظلومين. ويقول أنه بعد النبوة أيضا لو كان ذلك اليوم هو اليوم لشارك فيه كما شارك من قبل. إذا أردتم أن تكون لكم كلمة مسموعة ومؤثرة في مجتمع ما، فيجب عليكم أن تكونوا في المكان الذي تتم فيه مناقشة مستقبل هذا المجتمع. هناك عليكم أن تضعوا أيديكم تحت تلك الصخرة، أي أن تتدخلوا وتبادروا في هذه النقاشات وهذه الحركات والقرارات.عندما نشكو من الكثير من الأشياء ولا نتحمل المسؤولية، فإننا نتحول إلى أصناف في المجتمع تتهرب من المسؤولية ولا تتحملها. لهذا فإنه يجب أن لا نكون عبئا على الإنسانية، بل يجب أن نكون من يرفع العبء عن الإنسانية ويتحمله.
حيث بين النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن عن هذه الأشياء؛ عن شبابه فيما أبلاه؟، وعن ماله من أين كسبه وفيما أنفقه؟ وعن علمه ماذا فعل به؟ لأن هناك قواعد أخلاقية للحصول على العلم والمعلومات، إذ لا يمكنك تعلم أي شيء عن طريق السرقة.
رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا خاطب عباس قائلا؛ سأخبرك شيئًا يا عباس، احفظ حدود الله حتى يحفظك الله طوال حياتك. هذه هو روح وجوهر القصة يا أصدقاء. اسألوا أنفسكم عما تفعلوه عندما تفعلوا أي شيء، هل هذه يرضي الله؟ إذا لم يكن يرضي الله فاعلموا أن عبيده أيضا لن يكونوا سعداء به. ونحن أيضا لا يمكننا الاستفادة منه. لهذا فإنه يتعين علينا استخدام الطاقة التي يحملها الشباب من أجل إعادة نهضة المجتمع وإعانته على الوقوف على قدميه مرة أخرى
.ملاحظة: لقد تم تجميع هذه المقالة من كلمة ألقاها رئيس منصة الأناضول الرئيس تورغاي ألدمير خلال اجتماع شباب تركيا.
رئيس منصة الأناضول
تورغاي ألدمير