تمكن النظام السوري من خلال سلاح الجو الروسي على مدى 4 سنوات مضت من السيطرة على أراضي كانت تحت سيطرة المعارضة، فاستعاد كلاً من حلب ومعظم اللاذقية وحمص وحماة وتدمر والغوطة الشرقية ودرعا، وكان المبرر الأساسي للتدخل الروسي من البداية هو الحرب على الإرهاب، ليعطي لنفسه مبرراً في قتل الأطفال والشعب السوري أمام العالم. حيث ادعت روسيا أنها سوف تحارب داعش، لكنها لم تقاتلها ولم تقصفها إلا في مدينة تدمر، وتركز قصفها فقط على مناطق المعارضة السورية التي تقدمت على حساب نظام الأسد.
روسيا لم تدخل إلى سورية حباً بنظام الأسد، ولا طمعًا بثروات سورية الطبيعية فقط، لكن التدخل الروسي في سورية أو الاحتلال الروسي لسورية، هو بسبب موقع سورية الجيوسياسي، تعتبر القاعدة الروسية الموجودة في مدينة طرطوس القاعدة الأخيرة والوحيدة التي تمتلكها روسيا خارج حدودها هذه القاعدة تعتبر خط الدفاع الأول من أجل حماية مصالحها في المياه الدولية، كما أن صراعها في سورية على النفوذ، حيث تعتبر سورية منطقة نفوذ روسية، لذلك تعمل روسيا على تثبيت قاعدتها من خلال وجود أسطول بحري كبير أمام السواحل السورية. ولا يتوقع أن تتخلى روسيا عن تواجدها في السواحل السورية، لأنها تعتبره في هذه المنطقة مسألة أمن قومي.. وقد وقعت روسيا مع نظام الأسد اتفاقية بناء قاعدة حميميم، تكون مدة الاتفاقية أربعين عاماً، تسمح فيها لروسيا البقاء في القاعدة الجوية، ويكون لها السيادة على الأرض.
في تموز/يوليو 2019 أعلنت روسيا عن توقيع عقد مع النظام السوري باستثمار مرفأ مدينة طرطوس البحري لمدة 49 سنة. كما أعلنت روسيا تزويد الجيش السوري بمنظومة S-300.
سلكت روسيا طريق النظام للحفاظ على نفوذها ومصالحها، وهو أبدى استعداده لتسليم البلد لهم، والمكسب الآخر الذي حققته روسيا نتيجة تدخلها في سورية، هو تعزيز مكانتها بالنسبة للعالم وعلاقاتها بالأطراف الدولية الفاعلة مثل الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا. واستخدمت روسيا تدخلها العسكري في سورية كطريقة لإثبات قدراتها العسكرية التسليحية لأغراض تصدير السلاح وبيعه الى مختلف دول العالم.
كثّفت موسكو مساعيها من أجل فرض الحلول السياسية عبر مفاوضات أستانة وسوتشي، لإخضاع المعارضة السورية وقبول شروط التسوية التي تراها مناسبة منذ بداية الصراع. وقد عملت روسيا على كسب الوقت من خلال طرح مفاوضات مثل أستانة وسوتشي من أجل تحقيق نصر عسكري كبير في سورية على حساب القوى الأخرى، لكي تكون في موقف الأقوى على طاولة المفاوضات، ولكن الدول الأوربية والولايات المتحدة الأميركية تمسكت في منطقة شرق الفرات ومنطقة التنف من خلال إرسال قوة إضافية إلى المنطقة، لمنع أي تهديد ممكن من القوى الروسية أو الإيرانية للظفر بكامل الأراضي السورية.
في أيار/مايو عام 2017 وقعت كل من روسيا وإيران وتركيا اتفاقية مناطق خفض التصعيد وكان الهدف من هذه الاتفاقية وقف إطلاق النار في كل من إدلب وريف حماة، ورغم ذلك التوقيع شنت روسيا غارات جوية على هذه المناطق واستعادت السيطرة عليها، وأخيراً على خان شيخون في محافظة إدلب، مما استدعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للذهاب إلى موسكو ثم في قمة أنقرة لبحث آخر التطورات وإيجاد حل لإدلب، وإيقاف الحملة العسكرية الأخيرة التي نتج عنها كارثة إنسانية كبيرة.
ويبقى السؤال هل تورطت روسيا في مستنقع الشرق الأوسط وقضاياه عن طريق سورية؟ أم أنها حصلت على مكاسب عبر الحفاظ على النفوذ والوجود العسكري والقدرة على تغطية نفقاتها التي دفعتها؟؟ وإذا لم تستطع فمن يغطي تلك النفقات لروسيا؟!
آلاء العابد
كاتبة سورية