1 *
ميّتونَ على مضضٍ
سباتٌ بليدٌ عبرَ حقولِ الخسران
والحبُّ والموتُ:
خشبتا خلاصٍ
يترنّح العاقل من ثقلِ الوجدان
نؤمِّلُ عبثاً في ضجيجنا
وما يُحاكُ لنا سرّاً:
خبيثٌ
أوردنا كلَّ هذا الهوان
هذا ليس موتاً
بل مثابرة على الغياب
2 *
الحريّة هي الحبُّ
كلاهما:
ذريعةُ الضغائنِ
نشتهي قطافاً
لا سلالاً أو عناقيدَ نَضَجَت
تدلّت صهباء، ثم زمَّت بوادرها
خلاصنا نعشٌ وثير
والمنافي بقيّة حسابٍ:
منكرٌ ونكير، وإيّانا
والعدم يا سادتي:
ان يتبجّحَ الداعرونَ بالحنين إلى الديار
بذريعةِ البقاء دهوراً
وهم يتلذذون بعليق الذلّ اللزج!
3*
الحبّ جحيمُ الحيازة
والحريّة نعيمُ الحياةِ والموتِ
أموتُ كثيراً
فليس في الأنثى والخلاصِ
غير أغلالٍ شتّى
صقلني الفقدُ حتى صرتُ كأنني
لا أبالي
4 *
أحكُّ ضميري على صخرةِ الحياة
لا أتكئ على محتوتٍ هيّالِ
أؤثِّثُ قبري القادم
بلاءاتِ الرفضِ الفقيرِ
كأنّها لأجل الحقِّ
ابتهالاتُ تعبّدٍ وخشوع
5 *
أتدثّرُ بملاءةِ خيباتي
لا أفسِحُ حيّزاً ولو ضيّقاً
لبعضِ أحلامي.
6 *
كلّما صَرَّ البابُ
واندلعت بوجوهنا هيبةُ الموتِ
تغادر الأرواح ثيابنا الرثّة
الجسد المتعب وليمة مالحة
وديدانُ الغاية بلا دمٍ
محضُ جِرَابٍ نَهمٍ
أبكي على اللحظة الفاصلة بين البقاء
والمغادرة
أبكي دونما خجلٍ
رحيق الفرصة الهاربة
كأنّ الضوءَ قبرٌ
والشمعةَ التي تلسعُ حقلٌ من شموع غافية
لا يتضاءل عمرها
بل تستأنس في فضح الهاوية
من يبكي على أنقاض الإنسان فينا
لماذا ومَن أيقظ غرائزنا السافلة!؟
7 *
أفلتُّ حلمي في الشوارع المكتظّة مثل ذئبٍ زانٍ جريح
لشدّةِ طهرهم والجزعُ الخبيثُ
ما بقي بشرا لم يرجمه بحجر!؟
8 *
المفلس أغنى البشر
لا شيءَ يخسرهُ
جَسورٌ مُدججٌ بإفلاسه
بحوزتهِ كل الجبهات
والنذلُ ذو الغايةِ جبانٌ متهاوٍ
إن طاردتهُ كلابُ الخساراتِ..
9 *
المشرقونَ كلّما
لاحت وليمةٌ وأمسيةُ أنسٍ
ودبكة
وإن دعوت لفزعٍ وعرٍ
وأشواكُ الطريقِ حينها
ممشوقة متحفزة
تندمسُ الوجوه الباهتة
كالحةٌ مُتردِدة
أثق بأننا:
الغاوون..
10 *
أتسللُ من نعشي
كغيمةٍ مُباغتة
وكابوسُ المطرِ
يُفزِعُ مُشيّعي جنازتي
لا يتبعني سوى ذئبُ الحلم الأغبر
دروبي موحلةٌ
وليلي كهلٌ
والمتربصون حيارى
بعد أن خذلوني حَدّ النسيان
واغتالوني ألف مرّة
ثم نهضتُ من جديد
وبقي النعشُ شاغراً
يريدون استبدالي
بأية جثّة
عليهم أن يختاروا
بين الجزائر أو السودان
وكفّتا الميزان في حيرة من أمرها
أترجحُ لعدوٍ أبلج
أم لخونة الديار أنسال الخِسّة!؟
والشعب يلجُّ
ينتظر أبالسة الفتوى
وهم يقتسمون تفاحتك
خطفتها
يأكلون، وأنت مرهونٌ لتسديد فواتيرها الباهظة
ويُضيفونَ عِلاك الإثم والتكفيرِ على قائمة حسابك
11 *
أوهامٌ مُتخثِّرةٌ
وفي حاضرنا البائس
يفتك بنا بؤس الفهم
ونحن في غيبوبة الوعي
نغتال منافع البقاء
نستدرج قطا الحياة لفخّ النزوات
الطائشة
هل نحن منذورونَ فقط
للموت!؟
12. *
قدحي تفيض دماً
لم نستثمر عثراتنا في جنّةِ الأخطاء
ولي ألف احتمالٍ لمذابحٍ تتئدُ
النزوات مذابح
والحماقة مذابح
والسمسرة مذابح
الغرور سيّد المقبرة
وحارسها الأمين
13 *
جسدٌ أوهنهُ دودُ النوائبِ بألفِ فمِ
ما قبل الولادةِ والخروج
والدربُ نحو القبرِ يفيض بالضياءِ البهيجِ
وكذا اقترابُ الرحيلِ
تضيء لي ألف بابٍ
لأني كعودِ قصبٍ ارتوى من ضفافِ القهرِ
لا ينحني
وإن عالجتهُ، فثقوبٌ بنارٍ
نايٌ
يبوح، في القفارِ يسوح
وإن سكتَ
كطفلٍ لطيمٍ ينوحُ
14 *
وكلاءُ النارِ يُسعِّروا في وجهي ألف أخدودٍ
ليقتصّوا من الحلمِ النقي
والجسدُ المُهتهتُ بالنقائضِ يسري غير آبهٍ
مشايخٌ ولصوصٌ ودود
ليتني أسدلُ أجفاني عن رؤى البهتانِ
وأزِنُ النورَ في عماي
بمكيالِ المعرّي..
15 *
ليلاً
أظعنُ وحدي عبر الشوارع الخاوية
كحجرِ الطاحونِ مفقوء عينٍ
يجرشُني
حفنةُ الحنطة تثور على وهنها
فتنخبِزُ على اللهيبِ أرغفة للجياعِ
أما حجري الرحى تظلُّ تدور
تدور
هيهات أن تتوقف
أو على الوتدِ
تثور ...
محمد صالح عويد
شاعر وكاتب سوري