وكلّ هذا الوقتُ لكْ
لا وقتَ لكْ
وأنتَ تلبس راكضاً وتَدُّسُ أوراقاً بجيبِكَ
والمفاتيحُ النقودُ بطاقةُ البنكِ التذاكر
كيسُ تبغكَ، هاتِفك ومظلتك
لا وقت لك
وإذا خَرجتَ تعودُ مذعوراً
لتُطفئَ نار قهوتك التي أطفأتها سلفاً
وتلعن ما تهيأ لك
لا وقت كي تسقي أصيص الورد خلف النافذة
ولا جواباً شافياً للطفل جاءك يسألكْ
ولستَ تأبهُ في الطريقِ بمن هَلَكْ
شجرٌ تكسَّرَ من رياحِ الأمس
شجرٌ صديقٌ
طالما ظللك
لا وقت لكْ
لتُماِزحَ الأولاد في الحيِّ المجاورِ
حين تعبرهم فترمي
كرةً وصَلَتْ إليكْ
ولا لِتقرأ في عيونِ صبيةٍ في الحافلة
قهراً وثورة
ولم تُحِلك تمتماتٌ في الشفاه
لأي فكرة
جالساً متوتراً تقرأ في الهاتف بعض رسائلك
لا وقت لك
حين تمشي
لتلاحظ الغيمات فوقَ الجسرِ حين تداخلت ألوانها
وبَدَتْ كرسمٍ عبقريٍ أو كشطحةِ شاعرْ
لا وقت لكْ
وجِهازُكَ المحمول يحمل غَفلتكْ
ومشاعرٌ مرسومةٌ تأتي بنقرِ أظافر
أو قهقهاتٍ
لستَ تسمع صوتها
هاءٌ مكررة وصمتٌ ماكر
وكل ما حولك أصبح تكتكات دقائق تمضي لِتَبلُغَ مَقصدك
ما مَقصدكْ؟
وما الحقيقة ها هنا، ما الوهم
وكيف لصورة الأشياء أن تغدو أهم من الحياة
أخاف تنسى أن تحس أناملك
وافتراضياً تصادق أو تحب
تخوض معاركاً شتى وتنجو
لا الغُبار على القميص ولا تَلَطَّخَ مِعطفك
تنجو من المعنى إذن ومن الطريق
البؤس لكْ
الوهم لكْ
وحقيقةُ الأشياء دونك
والجمالُ مسافرٌ مِن لحظتك
لا وقتَ لكْ.
سميح شقير
موسيقار وشاعر سوري