لفت نظري في هذا المهجر كثرة النساء المهاجرات، اقتربت بحذر وحاولت أن أنقل صورة حية واقعية عن أسباب هجرتهن !!، فلا تهاجر امرأة دون أسباب قاهرة، كانت اللغة عائقاً وما أنقذني، كثرة المغربيات اللواتي ساعدنني في الترجمة.
هجرة المرأة قاسية وخاصة مع الأطفال، أحب أن أنوه أنها ظاهرة عالمية مرعبة، تحمل في ثناياها خفايا تفوق الوصف، وليس جميع النساء يحملن كفاءات وحتى إن حملنها تكون اللغة عائقاً، التقيت ببعضهن وكان الحديث جانبي بعيداً عن الأضواء، جئن من بلدان تفتقد إلى أبسط مقومات الحياة، يبحثن عن الأمان، ومن بعض البلدان جئن للقمة العيش، لم يسبق لي أن ألتقيت بهذا الكم الهائل من الخليط، كلاً منهن جاء الى غايته إما طلباً للدراسة أو الطبابة ومنهن طلباً للحماية وربما هرباً من الموت أو الفقر، وأخريات طلباً للحرية، هذه من أوغندا وتلك من مالي والنيجر والمغرب العربي والصومال وشمال أفريقيا وسوريا والعراق، كل واحدة منهن تقدم لجوءها وتنتظر القبول، الملفت للنظر أن الدولة هنا لا تفرق بين واحدة وأخرى من حيث الانتماء أو اللون أو الدين، بل تعطي اللجوء لمن يستحق، ومما أدهشني كثيراً أن من ترفض منهن تستطيع البقاء معززة مكرمة!!!!!! فهناك جمعيات إنسانية تتكفل بالسكن والطبابة والمصروف والدراسة لها ولأطفالها، وإن تطلب الأمر يوظفون لها محام لمعاودة طلب اللجوء مرة ثانية وثالثة، تحدثت مع إحداهن من تونس قالت لي أنا هنا منذ ثلاث سنوات مع أطفالي ولم يتم قبول لجوئي، يجددون لي إقامة الحماية كل تسعة شهور، ولا ينقصني شيء عندما أكمل الثلاث سنوات سأتقدم بطلب لجوء ثان ربما يسعفني الحظ هذه المرة، وتكمل ولو أنه لا ينقصني شيء إنما للحصول على الجنسية والاستقرار المطلق، وثانية من جورجيا جاءت مع زوجها المريض بالسرطان وابنها الوحيد أعطيت مأوى وراتب وتمت معالجة زوجها لمدة عام وعندما تماثل للشفاء عادت إلى وطنها، ومن جاءت طلباً للحماية من بلدها أو أحد من عائلتها تعطى هذه الحماية وينظر لأمرها بجدية إن كانت تعاني من وضع صحي نتيجة الخوف يخصص لها طبيب نفسي يساعدها على تجاوز محنتها، بالنسبة لهذا الموضوع أياً كانت يعرض عليها إمكانية الحصول على علاج نفسي.
هناك حادثة صغيرة جرت أمامي كنت أنتظر دوري للحصول على الأوراق من أجل تقديمها للضمان الصحي كانت هناك امرأة عربية تنتظر دورها لعلاج مفاصلها وقبل دخولها قالت لها المسؤولة عن إدخال المرضى سيتم فحصك ومنحك الدواء اللازم ولكن سيكون الدواء على حسابك كونك لم تكملي المدة المحددة لمنحك الضمان الصحي وافقت المريضة، وعندما خرجت كانت تحمل الدواء وجلست بجانبي لتخبرني بأنني أخبرت الطبيب أني لا أستطيع الحصول على دواء مجاني كونه لاحق لي وأنا لا أملك نقوداً كافية فأجابها الطبيب سيكون لك الحق، خلال دقائق اتصل بالمرشدة الاجتماعية التي استطاعت في دقائق أن تمنحها الحصول على دواء مجاني، هذا ما كان أمامي مباشرة، سأكون على تواصل معكم لنقل أحداث أخرى أراها أمام عيني وليس نقلاً عن أي أحد، لو لم تكن اللغة عائقاً هناك أحداث كثيرة تحصل أمامنا سنحاول لاحقاً أن نتغلب على صعوبة اللغة ونقل الأحداث المرتبطة بالمرأة هنا.
إلهام حقي
رئيسة قسم المرأة