عقد العروبيون السوريون ملتقاهم الثالث في العاصمة الفرنسية باريس يومي السبت والأحد 14-15/9/2019
تحت عنوان: موقف العروبيين من ثورات الربيع العربي، بمشاركة نخبة من الكتّاب والمفكرين والصحافيين والأكاديميين السوريين والعرب، كما شارك عدد من المثقفين السوريين عبر السكايب من داخل سورية، ومن تركيا، ومن مصر.
أقيم الملتقى من أجل تجديد مفهوم العروبة وأهدافها التي نضجت من التفاعل الثقافي عبر ألف عام ونيف، وتتبلور مع جيلنا كروح المواطنة وإعادة الوطنية لمكانها الطبيعي، والعروبة نتاج لكل الجماعات التي احتضنها العرب ونتاج التفاعل الثقافي بين الحضارات التي عبرت وطننا، العروبة التي تستهدف المواطنة والحريّة والكرامة، وهي الرافعة الوحيدة لطرد الاحتلالات وإقامة دولة الحداثة والنهضة ودولة القانون.
ابتدأ الملتقى بالوقوف دقيقة صمت حداداً على أرواح الشهداء، وتلاه نشيد الثورة السورية.
ثم كلمة ترحيبية لرئيس الهيئة الادارية (محمد خليفة) تضمنت الترحيب بالضيوف، وتقديم فكرة موجزة عن (ملتقى العروبيين السوريين) ونشاطاته، وقال إنه يعنى بالنضال على جبهة الفكر لمعالجة مسائل وتحديات نظرية أساسية تهم الشعب السوري في هذه المرحلة من نضالهم في سبيل الحرية والتحرر ومواجهة الاحتلالات المتعددة لبلدهم سورية وتحقيق الديمقراطية والحداثة والاصلاح الشامل، وخاصة قضايا واشكاليات الهوية، اضافة للتحديات التي ظهرت في مرحلة ما بعد الثورة.
أما جلسات العمل فتضمنت الأبحاث والأوراق التالية:
1 – ثورات الربيع العربي بين موجتين، للكاتب الاستاذ عبد الرحيم خليفة
2 – العروبة في عالم متغير، للدكتور خطار أبو دياب.
3 – الأيدولوجيا القومية ومآلاتها، للباحث الاستاذ حسن النيفي.
4 – لبنان بين الثورة السورية ونظام الأسد، للصحافي والكاتب الأستاذ حسن صبرا.
5 – العرب والعروبة بين مشاريع الجيران والأعداء، للكاتب الاستاذ محمد خليفة.
6 – الآثار الاقتصادية للحرب في سورية، للدكتور رائد وهيبة.
7 – المعتقلون والمغيبون في سورية والعراق للأستاذين حميدة نعنع
ود. مهدي الحبيب.
8 – الفلسطينيون في سورية وموقفهم من الثورة للأستاذ أكرم عطوة.
وفي ختام الدورة ألقى الشاعران د. مضر صقال ومحمد خليفة عدداً من القصائد الشعرية التي تدور مواضيعها ومضامينها حول قضايا الثورة والحرية والمقاومة.
وتحدث الكاتب الفلسطيني السوري أكرم عطوة في ورقته عن الفلسطينين في سورية ودورهم في الحراك الثوري السوري، ووقوفهم وبحماس شديد مع الشعوب العربية التي انتفضت في عام 2011 بوجه رموز الاستبداد.
والفلسطينيون لم يفاجئهم ذلك الحضن الشعبي الدافئ الذي احتضنهم في سوريا، لأن فلسطين هي جزء من سوريا، وأن التداخل السكاني التاريخي بين السوريين والفلسطينيين يؤكد أنّهم كانوا ومازالوا شعباً واحداً.
لهذا كان الفلسطينيون في سورية ومنذ بدايات الثورة السورية في خضمّ الثورة وسوف يستمرون فيها حتى تُحقق “ثورة الكرامة والحرية والديمقراطية” أهدافها كاملة.
وكتب الدكتور عبد الناصر سكرية: إن التأكيد على عروبة سورية في سياق السعي المتواصل لبناء نظام حر عادل يحمي أرضها ولا يفرط فيها ؛ يحمي شعبها ولا يقتله ويذله ، فإنما يمثل إصراراً على امتزاج جميع مقومات المجتمع السوري ومكوناته في إطار تاريخي حضاري واحد، وهذا يعني تأكيداً على مشاركة الجميع والتمسك بهم أبناء لسورية ومواطنين فيها، وعروبة سورية لا تعني استبعاداً لأحد، هويتها تشكلت في سياق تفاعل حضاري تاريخي طويل وعميق، عروبة سورية ليست وجهة نظر، وليست عقيدة حزبية، كما ليست موقفاً سياسياً او برنامجاً للعمل السياسي أو اجتهاداً مذهبياً أو طائفياً أو دينياً، وحدها العروبة جامعة موحدة.
الاستاذ مروان العش كتب تعقيباً على الجهد المبذول في الملتقى: المفهوم الحداثي للعروبة، يجب أن يؤكد على تجذير وترسيخ مفهوم الأمة الوطن المستقبل، ويؤصل هذا المفهوم بالجانب المضيء من عروبتنا وقوميتنا التي نعتز، وقامات عربية قدمت للحضارة الانسانية عبر آلاف السنين، نحن شعب مغرق في التاريخ والمعرفة والأدب والحضارة وتجديد ذلك يتطلب بناء جيل مؤمن ويفتخر بالإنتماء لأخوة عروبية شرقاً وغرباً يمثلها روح ونبض الشعب.
وكتب الدكتور نوار عطفة عن العروبة كإنتماء متكامل الأبعاد، والتي هي أسمى من أن تكون فصيلة دم ومجرد إنتساب عاطفي، وهي أكثر رفعة من مجرد إمتداد جغرافي لشعب موحد اللسان، رغم أهمية هذا البعد وتفرده،
إنها الإسهام المتميز في إغناء حركة الفعل الحضاري العالمي، فالأمة العربية تمتلك كل مقومات النهوض، وحوامل المشروع العربي الحقيقي موجودة وعليها تأطير الجهود وسكبها في بوتقة الإنجاز.
إن لم تكن العروبة لحمة النسيج الاجتماعي لبلادنا فليس بعدها لحمة ؛ وكل جماعة قبلية أو عرقية أو طائفية أو مذهبية تصبح حينئذ كياناً قائماً بذاتها متميزة عمن حولها مناكفة لها متغايرة عنها، الأمر الذي يعني إنهيار البلاد وقيام كيانات تقسيمية متناحرة متضاربة، تعجز كل واحدة منها عن حماية ذاتها ، فتحتاج حماية خارجية وتصبح قضيتها تعميق خصائصها تبريراً لانفصالها عن المجموع ؛ فتلجأ إلى تزوير التاريخ والحقائق والإرتهان التام للحماية الأجنبية، وهكذا تضع دول الحماية الاجنبية يدها على البلاد والعباد والمقدرات وتصبح السيد الحاكم، وحدها رابطة العروبة تشد جميع المكونات إلى كيان واحد ، يستطيع أن يستمر ويبني ويعمر ويحمي أبناءه ويرد أطماع المعتدين والطامعين، ولا حياة لأي من المكونات أيا كان شكلها إلا في إطار العروبة.
إشراق