هل يزهر الربيع من جديد؟


 

                                         

انطلقت في العديد من الدول العربية في عام 2011 موجة من الثورات ضد الأنظمة الاستبدادية، وكانت البداية من تونس حيث اندلعت أولى ثورات الربيع العربي بعد إحراق البوعزيزي نفسه احتجاجاً على سوء الأوضاع في تونس.

استمرت بعدها الاحتجاجات قرابة الأربع أسابيع انتهت بالإطاحة بالرئيس السابق زين العابدين بن علي بعد حكم للبلاد استمر نحو 23 سنة ثم انتقل الحراك بعدها إلى مصر في مظاهرات سلمية مع يوم 25 كانون ثاني/يناير احتجاجاً على الفقر والظلم وسوء الأحوال المعيشية التي سادت البلاد في عهد مبارك.

استمرت بعدها المظاهرات قرابة الثلاثة أسابيع انتهت بتخلي مبارك عن الحكم، ثم ثورة ليبيا فكان الوضع مختلف حيث بدأت المظاهرات والاحتجاجات في شباط/ فبراير عام 2011 بعد دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي ضد نظام القذافي.

تحولت الاحتجاجات بعدها إلى أعمال من العنف وهجوم قوات الأمن على المتظاهرين، استمرت الاحتجاجات واستمر سقوط القتلى إلى أن صوت مجلس الأمن الدولي على قرار يقضي بفرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا واتخاذ كل الخطوات اللازمة لحماية المدنيين، وبدأ الناتو أولى عملياته في ليبيا. استمرت الضربات والاحتجاجات قرابة 8 أشهر انتهت بعدها بمقتل معمر القذافي بعد 42 عاماً من حكم ليبيا!

أثناء ثورة ليبيا بدأت الاحتجاجات والثورة في اليمن متأثرةً بالدول السابقة طالب فيها المتظاهرون بإسقاط الرئيس اليمني علي عبد الله صالح الذي حكم البلاد لأكثر من 33 سنة وتدخلت إيران لتقسيم البلد وزعزعة المنطقة.

ثم جاءت بعد كل هذه الثورات ثورة سورية العظيمة آذار/مارس 2011 وغيرت فيها كل أحداث المنطقة، وظن البعض أن سورية ستكون آخر الثورات لما شهدته من أعمال عنف ومجازر مروعة ارتكبت بحق الشعب السوري.

أدخلوا سورية في معركة اللا منتصر، بل التدمير الذاتي للبلد، وبعد كل هذا الظلم ظن النظام أنه انتصر على الشعب فشهدت البلاد في الأيام الأخيرة مظاهرات في مناطق يسيطر عليها فخرجت درعا من جديد ودير الزور تطالب بإسقاط النظام ورحيل بشار الأسد عن السلطة.

ظن البعض أن سورية ستكون آخر الثورات التي ستشهدها المنطقة لما حملته من آلام وتهجير بحق الشعب السوري، فأصبحت الدول تستشهد دائماً في المحرقة السورية وتذكر شعوبها باستمرار بما يحصل من سورية لأخد العبرة وعدم القيام في ثورات جديدة.

إلى أن جاء عام 2019 كبداية لموجة جديدة من الربيع العربي، سواء لدول جديدة أو لدول الربيع العربي ذاتها، التي لم تحقق هدفها الحقيقي من الثورات، وكانت البداية من الجزائر حيث خرجت مظاهرات عارمة بعد ترشيح الرئيس لولاية خامسة وطالبت المظاهرات بإسقاط النظام الحالي والإطاحة بالرئيس عبد العزيز بو تفليقة استمرت الاحتجاجات لمدة شهر تقريباً وانتهت بسحب بوتفليقة ترشيحه، وتحديد موعد لانتخابات جديدة لا يكون فيها، وتعيين حكومة ذات كفاءات عالية.

 انتقلت بعدها موجة الاحتجاجات إلى السودان فخرج الآلاف للمظاهرات مطالبين بإجراء اصلاحات في البلاد ومطالبين البشير بالتنحي بعد الحكم لمدة 30 عاماً شهدت بعدها السودان أحداث دامية بعد فض الجيش لاعتصام المتظاهرين في الخرطوم، استمرت الاحتجاجات بعدها، ولم يرضخ الشعب حتى أعلن وزير الدفاع السوداني في نيسان/ابريل من العام الحالي اعتقال الرئيس السوادني عمر البشير وتم البدء بفترة انتقالية مدتها عامين.

كما شهدت مصر مجدداً في العام الحالي بعض من مظاهر الاحتجاج والدعوة للتظاهر بعد ظهور الفنان محمد علي ببث فيديوهات قصيرة يتحدث فيها عن الفساد في مؤسسات النظام الحالي وسوء الأحوال المعيشية للمواطن المصري والفساد، في المؤسسة العسكرية، طالب فيها الشعب المصري بالنزول إلى الشوارع لكن النظام قابل هذه الدعوات بالقوة وقام بحملة أمنية شديدة اعتقل فيها معظم من شارك بالمظاهرات وقام بإقفال معظم الشوارع في القاهرة ومحطات المترو وتفتيش المارة وتقطيع الأوصال.

ولا ندري ما الذي ستشهده مصر في الأيام القادمة، هل ستشهد ثورة شعبية جديدة مثل ثورة 25 يناير؟ ولم يتوقف الحال عند مصر فقط فشهدت الأيام الأخيرة مظاهرات في لبنان والعراق طالبت بسقوط الأنظمة، واجراء اصلاحات سياسية واقتصادية في البلاد. فهل ستشهد المنطقة العربية موجات جديدة من ثورات الربيع العربي؟ وهل ستصل هذه الثورات إلى الحرية وتقرير الشعوب مصيرها أم أن الظلم والقوة ستكون كفيلة بإسكات الشعوب؟

ربما الأيام القادمة تكون كفيلة بالإجابة على هذه التساؤلات، لكن المؤكد الواضح أن الشعوب العربية لم تعد تقبل الحكم الفردي الاستبدادي ولم يعد ينجح سوى الحكم الجمعي الديمقراطي.

 

 

 آلاء العابد 

كاتبة سورية

 

 
Whatsapp