مثل ماء الوقتِ


 

تُعَرِّشُّ بي كَدَالِيَةٍ على أوهامِ أسْئِلَتي

وأجوِبَتي 

فأرمي غُربتي وَجَعَاً

يُوَشْوِشُ لَيْلِيَ المُثَّاقلَ الغَافِي 

علَى نَوْحِ الحُرُوفِ الوَاجِلاتِ، الخَائفاتِ،

الرَّاعِشاتِ

فأيَّ جُرْحٍ سَوفَ تُطلِعُ غَيْمَتِي الملأى 

بِذاكِرَةِ الحَنِينِ

إلى انبهارٍ لا يَمدُّ 

سِوى العصِيِّ منَ الهَزَائِمِ والسُّقُوطِ الحُلْوِ 

في أيقونةِ الذِّكْرَى

وهَدْهَدَةِ البُكَاءْ

كَيْفَ الوصُولُ وقَدْ تَكَاثَرَ

حَوْلَنَا الحُكَمَاءُ والْبُلَغَاءُ 

والفُقَهَاءُ

كَيْفَ أمدُّ خالصَ ما تهيئ عبرتي

لِيَقُومَ مِنْ مَوْتٍ دَمِي 

عَذْباً – كما أرجو – ويُعْلِنَ 

عَوْدَةَ المَوْتَى مِنَ المنفى

ويصْرُخَ: هَا أنا قَدْ جِئْتُ

خَلْفِي تركضُ اللَّهَفَاتُ

مُتْرَعةً بِدِفءِ الوَرْدِ

حامِلَةً شَظايا منْ بَقايا 

ما تناثر مِنْ دَمِ الشُّعَراءِ فَوْقَ أديمِ 

ما زرع الفَنَاءْ!

      *      * *

كَدَالِيَةٍ .. نَعَمْ

أدري .. وتركضُ في احْتِفَالِ دَمِي 

عَنَاقِيدُ اقترابِكِ وابْتِعادِكِ

استعيرُ – لِكَيْ تَجيئي – مركبَ الأوجاعِ 

قولي: 

كيْفَ أقترِفُ الوُصُولَ

وَقَدْ تَكاثَرَ في الدُّرُوبِ المُوجَعَاتِ 

المِلْحُ 

والكَذِبُ المُنمنمُ بالتَّوَسُّلِ

والْعِتَابْ 

فِي أيِّ قافيةٍ سَأبْحِرُ

كَيْ أرِيكِ شقيَّ لَوْعَاتي 

وأمنحَكِ البَرَاءَةَ منْ ذُنُوبٍ مُوغِلاتٍ 

في الأذِيَّةِ والخَرَابْ !!

     *    * *

هُوَ بعضُ جُرْحٍ فاضَ مُبْتَهِجَاً

وأطْلَقَ لَوْعَةً، وبَكَى، 

وغادرَ في سُؤَالٍ لَيْسَ يُسْعِفُهُ جَوَابْ!

هُوَ أنْتِ .. وأنْتِ متَّسَعٌ يُرَاوِغُ

مَاءَ أغْنِيَتِي، 

فأَسْكبُ كُلَّ ثانِيَةٍ بياضي .. 

يَدْخُلُ الحلمُ القتيلُ 

وَيرتمي هرماً، 

هنا، في مَدِّ مُتَّسَعِ العَذابْ! 

أوَّاهُ مِنْ دَمْعٍ يُشَاكِسُ فَرْحَتِي 

ويَصُوغُ فَيروزَ المِسَافَةِ بينَنَا 

ويَلمُّ، مُبْتَهِجَاً، بَقَايا ما تركتِ مِنَ الحُرُوفِ 

هنا عَلَى شَفَةِ الكِتَابْ!

يَجْتَاحُنِي الآتِي 

يَفِيضُ بِكُلِّ ما تخفي مِنَ اللَّهَفَاتِ 

دافئةُ الرِّغَابْ!

قلبي على روحٍ يُلوِّعُها لهيبُ الوَقْتِ

يَمْنَحُهَا بَرَاءَاتِ التَّوَاصُلِ

والتَّكَامُلِ

والتَّجَلِّي 

حينَ يَفْجُؤُهَا الإيَابْ!

     *     * *

قَدْ أينَعَتْ في أفْقِ رُوحِي 

آنَ وَاصَلَهَا الهُطُولُ 

كِنَايَةُ الذِّكْرَى، وفَاضَ القَهْرُ 

مُتَّحِداً بألْوانِ التردّدِ

والضَّيَاعِ المُرِّ

أصْبَحَ جمرُهُ حُلُمَاً يَشِيخُ 

ولا يَتُوبُ من التوغّلِ 

في مَتَاهاتِ السَّرابْ 

حُلُمٌ يُهَجِّيني 

يُلملمُ آهيَ الوجلى

ويَمنحني فَضَاءَ الوَرْدِ ..

يُسْلِمُنِي لِقَهْرٍ دافئ الأكْمَامِ .. 

يَحْمِلُنِي لِدُنْيَا 

لا تفوح بِغَيْرِ وَصْلٍ

لا تبوح بِغَيْرِ ما ترجو المَوَاويلُ التي 

طَفَحَتْ بِدِفءِ صَدَى 

الدُّعَاءِ الحُلْوِ

آنَ تَهزُّهُ كَفٌّ لِيَسْقطَ 

مثلَ مَاءِ الوَقْتِ

فَوْقَ تَوَزُّعِ اللهفاتِ

والفَرَحِ المُذَابْ!

أوّاَهُ 

أيَّ قصائِدِي أدْنِي إليكِ

وأيَّ ذاكِرَةٍ سَيَعْكِسُ ظِلِّيَّ المهزومُ

في أعتابِكِ الْحَيْرَى

هُنَا 

ما بين قَوْسِكِ

والرَّبَابْ ؟!

 

 

سميرة بدران

شاعرة وكاتبة سورية

 
Whatsapp