إنّي امرأةٌ فوقَ الستينْ
فوقَ الظنِّ وفوقَ التّخمينْ
ليست تعنيني الأيّامُ
أنا من نيسانَ
ومن تمّوزَ
ومن تشرينْ
ما زال سلافُ الحبِّ يراودُني
وسلالي ملأى بالتّينْ
إنّي امرأةٌ فوقَ الستينْ
ما زلت أعدُّ الغيماتِ..
أجسّ النبضَ المترعَ بالماءِ
ويغريني الطّينْ
الأصلُ الأولُ في التكوينْ
إنّي امرأةٌ فوقَ الستينْ
اسمي بستانُ حنانٍ وحنينْ
تتخمّرُ بالوقتِ عناقيدي
تزهو بالنور
يتفتّقُ في عيني الليمونْ
إنّي امرأةٌ فوقَ الستينْ
بنتُ الشمسِ
على نيراني ينضَجُ خبزُ التنّورِ
يبتلُّ بحبّاتِ العرقِ المتناثرِ
في كلِّ جبينْ
إنّي امرأةٌ فوقَ الستينْ
شاهدتُ بأمِّ العينِ الموتَ
يباغتني، فتطاير بعضي
لكني ما متّْ
هل صارَ الموتُ رحيمًا؟
وأنا عشتارُ الحبَّ.. شهَدتُ الحربَ
وما بينَ الحاءينِ السكّينْ
إنّي امرأةٌ فوقَ الستينْ
قلبي مهووسٌ بالشعر
وصديقي البدرُ المسكين
قد أنجبني الفجر
في ليلِ كوانين
وشروقي عند العصر
فأنا الحبلى بالضوءِ وبالنسرينْ
وأنا امرأةٌ فوقَ الستينْ
عاشت في حطينْ
خاضت حربًا بفلسطينْ
غسلتْ قدسَ الحبّ
زرعَتْ سورًا من يَسمينْ
كرمى لصلاحِ الدينْ
إنّي امرأةٌ فوقَ الستينْ
قُتِلتْ مرّاتٍ مرّاتٍ
في القرنِ العشرينْ
عاشَتْ خيباتِ الأمّةِ
في الترحيلِ وفي التهجيرِ
وفي الإذلالِ وفي التوطينْ
لكنْ وأنا امرأةٌ فوقَ الستينْ
مارسْتُ هواياتي
بالحبّ الأصفى
ببلاغةِ جيناتي
علّمتُ الحرف
بنبلِ الهمزةِ والميمْ
وبيانِ السحرِ وسحرِ التبيينْ
ورسمتُ بدمعي بسماتٍ
ستظلّ تمدُّ التلوينْ
إنّي امرأةٌ فوقَ جدارِ الأسطورة
قالوا: إنّي إحدى قاراتِ المعمورة
سكنتني الخنساءُ.... البيداءُ
وأشجارُ الدرِّ
وأندلسياتُ العشاقِ على
لوحاتٍ من سحرٍ مكنونْ
ماذا يعني العمر؟
هوَ أشجارٌ وعيونْ
وجداولُ من دمعٍ مجنونْ
ودروبٌ تستسقي الغيماتِ
شمالًا ويمينْ
سوف أظل أمد البحر بالملح لأغرقه بدمعي وأنجو بفُلكي المزدحم بالحب.
----------
حنان شبيب
شاعرة سورية