التدخل في شرق الفرات "دفاع عن تركيا" التهديد كبير وقريب جدًّا


 

لا بد لتركيا أن تستخدم حقها "المشروع في الدفاع" عن نفسها، وينبغي لها التدخل بكل الطرق المعروفة في شرق الفرات "مهما كلف الأمر" لمواجهة مخطط حصارها من شمال سوريا وإفشال الاستعدادات الرامية لإقامة "جبهة تركيا."

ليس هناك أي ثمن لما سنفعله يقارب أبدًا الخسارة التي سنتعرض لها بسبب تأخرنا عن تنفيذ هذه العمليةَّ 

ذلك أنّ هذا المسألة ليست مسألة إرهاب، كما أنها لم تعد أبدًا أزمة متعلقة بسوريا، بل إنها تحولت بشكل مباشر إلى قضية تخص تركيا.

المرحلة التركية من هذه "الخريطة"

إنهم يستعدون لتوجيه تهديد صريح وقريب وكبير للغاية ضدنا وضد بلدنا. لقد أصبحت هذه المسألة قضية أمن قومي، فهذه الخريطة تعتبر مخططًا يرمي لرسم ملامح تركيا المستقبل.

ثمة مرحلة متعلقة بتركيا من هذه "الخريطة". ولهذا علينا على الفور مناقشة هذا البعد من هذه المسألة دون أي تأخير وتثمين الوضع من خلال اهتمام قوي من الرأي العام.

ليس هناك أي حسابات سياسية أو خطط متعلقة بالسياسة الداخلية أهم من هذا الأمر، كما لا يمكن أن يحمل أحد هما أو أولوية أهم من ذلك.

من يقولون "ماذا نفعل هناك؟"

لا أدعو أحد ليخرج علينا ويقول "لا، الأمر ليس كذلك، فهذه قضية تخص بي كا كا" أو يقول "الولايات المتحدة موجودة هنا وتستعد لمواجهة إيران" أو يقول "ماذا نفعل نحن هناك؟"

أقول ما يلي لمن يرددون مثل هذه العبارات: ستشهد المرحلة المقبلة من هذا المخطط إقامة الممر ذاته والجبهة عينها على الأراضي التركية. ولهذا فهم يجرون دراسات تمهيدية لدراسة الوضع على الأرض، وهو ما يريدون من أجله إشعال فتيل الأزمات وإجبار وطننا تركيا على بعض الأمور.

لم يعد هناك من يجهل هذه الحقيقة، وأما من يتظاهرون بأنهم يجهلونها فإنهم جميعًا جزء من هذا المخطط وجزء من شراكة من أجل القوة والمصلحة.

ماذا كانوا سيفعلون لو حدث الأمر ذاته على الحدود الأمريكية أو البريطانية أو الفرنسية؟

ماذا كانوا سيفعلون لو حدث الأمر ذاته في الولايات المتحدة أو إسرائيل أو روسيا أو فرنسا؟ كيف كانت ستتصرف هذه الدول لو جاءت قوى خارجية على الحدود الأمريكية – المكسيكية أو الحدود البريطانية – الأيرلندية أو في كتالونيا على الحدود الإسبانية أو الفرنسية لتدعم تنظيما انفصاليًّا وتتعاون معه وتقيم الجبهات وتحشد جيوشها على حدود تلك الدول؟

هل كانوا سيطأطئون رؤوسهم وينتظرون ما سيحدث؟ هل كانوا سينغمسون في الصراعات الداخلية وينسون الخطر الذي يحدق بأراضيهم؟ هل كانوا سيطلقون وصف "المنادين بالحرب" على من يقولون "إنها مسألة حساسة للغاية وعلينا التحرك على الفور"؟

تشهد هذه الأيام الكثير من السيناريوهات التي وضعتها أمريكا وإسرائيل لإشعال فتيل الحرب بين السعودية وإيران، وهو ما جعل الجميع يضع يده على زناد سلاحه عقب الهجوم الأخير على شركة أرامكو السعودية، ولهذا فإنّ صمتنا ولم نفعل شيئًا فلا يخفى على أحد أنّ الأمور ستتعقد أكثر خلال الأشهر المقبلة.

حينها سيصيبوننا بالشلل

ذلك أن المنطقة ستشهد حشد قوات عسكرية بأعداد استثنائية، وسيأتي إلى المنطقة العديد من الدول الأوروبية.

وحينها سيصيبوننا بالشلل ويجعلوننا عاجزين عن التحرك. إن هذه هي المسرحية التي يمثلونها حاليًّا، فالولايات المتحدة وإسرائيل تتعاونان مع السعودية والإمارات وتؤديان مسرحية في شمال سوريا، وإن الجميع على وعي بهذه المسرحية.

يعلم الجميع أنّ تلك الدول تقيم جبهة تمتد لمئات الكيلومترات عند النقطة صفر من حدودنا، وأنّ هذه الجبهة ليست قاصرة على منظمة بي كا كا الإرهابية، وأنها تحتل ثلث الأراضي السورية، وأنها تستهدف تركيا في المرحلة التالية عقب سوريا.

"الشعب الجمهوري" و"إيي" و"السعادة" والمستقيلون من "العدالة والتنمية"

لماذا لا نسمع صوتكم؟

يعلم العالم كله هذا الأمر، كما يعرفه أحزاب الشعب الجمهوري والجيد والسعادة ومن استقالوا من حزب العدالة والتنمية ليشكلوا حركات سياسية جديدة، لكنّ أحدًا منهم لا ينبس ببنت شفة في هذا الأمر لسبب لا يعلمه أحد.

إنني أسوق ادعاء في غاية الخطورة، ألا وهو أن التحالف السياسي القائم اليوم شكّل لمنع عملية التدخل في شرق الفرات، صمم لإتمام المخطط الذي تشهده سوريا، وهو ما سنرى له نماذج ملموسة أكثر في القريب العاجل.

بيد أنّ هذه المسألة تعتبر مسألة قومية اهم بكثير من كل الحسابات السياسية، مسألة تهدد مستقبل تركيا ووحدتها وترمي لتمزيق أراضيها على مرأى ومسمع الجميع.

ينتهج الجميع "سياسة سامية" مخبأة تحت ظل حزب الشعوب الديمقراطي من أجل حصد الأصوات! إن ما يحدث إنما خسوف عقلي وعمى سياسي.

مهلة "أسبوعين"

لم يعد الأمر محتملًا

سرد الرئيس أردوغان هذا الأمر على نظيريه الروسي بوتين والإيراني روحاني خلال القمة الثلاثية في أنقرة. من الواضح أنه لم يعد يثق بالتعاون مع الولايات المتحدة. كما تحدث عن مهلة "أسبوعين"، وقال "سنتحرك بمفردنا إن استلزم الأمر."

ذلك أن الأمر لم يعد محتملًا بالنسبة لتركيا، فليس هناك خطوة أبعد من ذلك؛ إذ لم تقل الولايات المتحدة صدقًا منذ حديثها عن منبج، كما لم تف بوعودها، وهو لم تكن تنوي ذلك بالفعل. وهو ما سينطبق كذلك اليوم على مسألة الدورية المشتركة. وما نحن أمامه إنما عملية مراوغة ومحاولة لكسب مزيد من الوقت.

انتظروا لتروهم يجربون الكثير من تكتيكات المراوغة

لقد تحدث أردوغان عن "مهلة أسبوعين"، فانظروا إلى عدد العروض التي ستأتيه. كما سنرى الكثير من تكتيكات المراوغة والوعود التي ستأتينا في محاولة لتسكين تركيا وتخديرها، وبكل تأكيد فإنهم لن يفوا بأي وعد من هذه الوعود.

علينا أن نقيّم معًا كل ما يحدث في المنطقة، وأن نقرأ التطورات التي تشهدها المعادلة السعودية – الإيرانية؛ إذ إن كل تحرك في شمال سوريا إنما هو جزء من ذلك. لقد رأت تركيا المؤامرة وقرأتها وعلمت أنها لم يعد أمامها خيار آخر سوى الدفاع عن نفسها.

ليست حربًا

بل دفاع عن تركيا

كيف لكم أن تعارضوا؟

إن ما يحدث ليس حربًا أو تدخلًا، بل إنه دفاع مشروع، دفاع عن تركيا، وسيحق لنا أن نتساءل عمن يتحرك وفق تعليماته معارضو دفاع تركيا عن نفسها.

ليس أمام تركيا أي وضع ذي أولوية كبرى أكثر من دفاعها عن نفسها؛ إذ ليست أمامها تهديد أكبر من عملية الحصار الجديدة التي بدأت في شمال سوريا وانتشرت من البحر المتوسط إلى بحر إيجة.

Whatsapp