حتى لا تختلط الأوراق


 

الحرب هي ممارسة السياسة بوسائل أخرى، من أدوات ووسائل، وغالباً يكون الهدف منها إعادة تنظيم الجغرافيا السياسية، لاسيما عندما تفشل الوسائل الأخرى فتكون الحرب وسيلة القوة الصلبة لتحقيق الهدف.

حتى لا تختلط الأوراق في ظل الحرب بالمنطقة وقد تعمّد الكثيرون خلطها، منذ انطلاقة عملية (نبع السلام) اتجاه تنظيم إرهابي هو خطر على وحدة سورية، وخطر على أمن تركيا، فأين كان هذا التنظيم الانتهازي قبل ثورة الشعب السوري، مطالباً بالحرية و الديمقراطية، حين حرر أبناء الشعب السوري من كرد وعرب وتركمان، المنطقة من قوات عصابة الأسد، فخُلقت وصُنعت داعش صناعة، وحققت للنظام خدمة جليلة فطعنت الثورة، وظهر تنظيم في المنطقة مستغلاً وجود جغرافيا محررة خارج الاطار الأمني، فداعش لم تنشئ إمارتها بدمشق، وكذلك قسد التي استغلت الظرف الدولي لمحاربة داعش لتحل هي محل داعش، وترفع أعلامها الصفراء وصور زعيمها أوجلان وتنكس أعلام الثورة السورية، الذي لُفّ به الآلاف من شهدائنا الذين حرروا المنطقة، وقد أرادت قسد سلخ المنطقة عن سورية باتجاه مشروع مقر قيادته في جبال قنديل .!

حاول البعض تصوير العملية أنها ضد قومية محددة أو أنها حرب ثأر أو حرب دينية أو أنها حرب احتلال تركي، البعض وبدون فهم الحالة الاجتماعية للمنطقة، وما هو الحاصل فيها وتعقيداتها بدأ يسرد بشكل ساذج قراءته عن العملية، ثم توالت التصريحات الدولية والغريب أن غالبيتها كانت ضد العملية!

ويبقى السؤال: أين كل هذا الكم من الهجوم الروسي على قرى ادلب، وهو ليس عنا ببعيد، وأين كل هذا وثمانين ألف عنصر يتبعون لميلشيات إيرانية في سورية منذ سنوات.!

حتى لا تختلط الأوراق فإن قسد قوة إرهابية انفصالية صنفتها منظمة العفو الدولية في 2016 بارتكاب جرائم حرب في سورية، و كانوا سبباً في تهجير أعداد كبيرة من سكان المنطقة من العرب والكرد والآشوريين، فكانت وباءً بعد وباء داعش، فانتقلت المنطقة من يميني متطرف إلى يساري متطرف، وتوهم زعماء قسد أن ما نالوه من دعم أميركي هو دائم، وغفلوا عن أن أي تنظيم لديه مشكلة مع حاضنته الشعبية ومشاكل إقليمية لا يدوم، وأذكر عبر حديث مع المبعوث الأميركي السابق، عندما قلت له "هل من المعقول أن يكون هؤلاء حلفاء لكم."! قال :"علاقتنا ليست استراتيجية معهم" .

لكن يبدو أن غرور القوة أصاب زعماء قسد واشتغلوا على ماكينة إعلامية عاطفية على مشاريع قومية، وهؤلاء أكثر من أضرّ الكرد أنفسهم.

إذًا وحتى لا تختلط الأوراق نقول : رأس النظام السوري وداعش والقاعدة وحزب العمال الكردستاني بصوره المتعددة وحزب الله اللبناني والمليشيات الإيرانية جميعها تنظيمات إرهابية، أوغلت في دماء الشعب السوري وكانوا سبب الخلل الأمني في المنطقة ولتعويق نضال الشعب السوري للخلاص من هذه الويلات، ليحقق هدفه في التغيير السياسي ووحدة أراضي سورية، وإعطاء الحقوق لكل المواطنين السوريين بشكل متساوٍ لتعيش سورية دورها النهضوي في المنطقة الذي لعبته عبر التاريخ وسيعود هذا الدور لأن هذا الشعب يملك إرث حضاري يؤهله ليلعب دوراً جديداً عقب الخلاص من الإرهاب والاستبداد الأسدي. 

 

 

د_ زكريا ملاحفجي

كاتب وباحث سوري

 

 

 

Whatsapp