تنويعات على مقام آخر


 

 
 

 

 

(ما لم يقله الذي ابيضت عيناه من القهر..)

***

أبُنَيَّ لا تُلْقِ القميصَ، 

فليس وجهي ذلك الوجه الذي...

وأنا (الذي ابيضَّتْ من الإشفاق عيناه).

أنا..

ما عدتُ - يا ولدي- أنا

دعني أسيرَ الليلِ، أعمى، موغلاً في وحشتي

الصبح يا ولدي سيقتلني

فلا تلقِ القميصَ..

أُريد أن أمضي بعيداً في مدى غيبوبة أخرى

أريدُ، أريدُ صحراءً بلا (زيرٍ) 

أريدُ رمال أغنيتي بلا وشمٍ يعكّر صفوها

بيضاء، يا ولدي كعينيَّ اللتين تخلَّتا عن مشهد الدَّم 

والنميمة والخيانة، آه يا ولدي 

كم اخترقت رصاصات الخيانة صحوةً كنّا نراودها، 

وكانت مثلنا قمراً على أهدابِ رابيةٍ، 

وهمساً ينثر الشغف الكثيرَ  

أريدُ أن أصغي لعطرك، 

دفقة الورد الشهيَّ، 

أريدُ أن أبقى معي

أعمى أرى الأشياء ناصعة، أراكَ بجانبي

في موعدٍ لا ينقضي أبداً

أراك بجانبي

نتذكّر اللحظات، كأسَ الشَّاي، آخرَ ضحكتين، 

قصيدةً لم تكتملْ

أشياء أُخرى..

ربَّما المطر اللذيذ، وربَّما..

أبُنَيَّ لا تلقِ القميصَ، فلم يزلْ فيَّ انتظارٌ آخرٌ

أبُنيَّ

لا تلقِ القميصَ فإنّ بي سفراً طويلاً

غربةً ما زلت أحياها..

ووجهك ضاحكاً في ليلها مستبشرا

أبنيَّ.. لا..

فأنا أخاف الضوء

أعرف أنَّ أشلائي مبعثرة به

وركامَ ما كانت منازلنا..

ومقبرةً،

آلافَ آلافِ المقابر..

أسماءً لأصحابي، وبعضَ ضفيرة شقراء كانت..

بعضَ..

(يا لذعر الشعر وفظاعة ما لن أقول)

أبنيَّ لا تلقِ القميصَ، فإنني

أشفقتُ من وجعٍ أبادَ ودمَّرا

أبُنيَّ، إني مُتْعبٌ، فَخُذِ القميصَ

وَدَعْ أباكَ بليله كي لا يرى..

كي..

لا..

يرى.

 

 

عبد القادر حمّود

شاعر وكاتب سوري

 
Whatsapp