محطّات


                                                          

 

 

1- سبعون َ 

من هذي المحطّة مرّ للتوّ القطار ُ

ينوءُ بالماضي وعبءِ الذكرياتِ

وسكّتاهُ إلى الفراغِ

وظلمةٌ تغزو شرايينَ النهار ْ

2- سبعون َ

وانهمرَ الزمانُ يسابقُ الأحلامَ 

في رغباتها اليقظى

وينشدُ ألفَ لحنٍ أبيضاً للقلبِ 

مأسوراً بأغلال انتظار ْ 

3- سبعون َ 

أغلقت ِ المرافئُ في الدجى أبوابَها

ودفاترُ الرسم البهيجةُ 

أعلنتْ إضرابَها عن صفحة الألوانِ

في زمن الحصار ْ

4- سبعون َ

واشتدّ الخريفُ 

يعيدُ أنباءَ الخريفِ

يعيد أنباء التيبّسِ..

والرياحُ تصادرُ الأنغامَ من بوح الحفيف ِ

كأنّما التاريخ موشومٌ على ورق الذبول والاصفرار ْ

5- سبعون َ..

هل من عودةٍ لتورّدِ الأغصانِ؟!

هل من عودةٍ؟!

والثلجُ لم يدرك جمالَ بقيّة الألوانِ لمّا 

كفّنَ الدنيا بأثواب الوقار ْ

6- سبعون َ..

قد جفّت ْكؤوسُكَ

مثلما انهزمتْ من الأشجارِ

روح ُ الاخضرار ْ

7- سبعون َ..

أنتَ بغابةٍ

فاصدع ْ بقانون المخالبِ والذئابِ 

وبالمياهِ الراكدة ْ

ولتصدعِ الغزلانُ للأنياب في أعناقها..

ولتحتفظْ بجمالها 

لتبادل الأنخاب والشِعرِ الجريء ِ

وصورتينِ لقدّها الممشوقِ 

في الركن البهيّ من الجدار ْ

8- سبعون َ..

كم ناورتُها السبعينَ 

كم زركشتُها في دفتر القلب الرتيبِ

وصغتُها شعراً وموسيقا ....

وكمْ هدهدتُها كالطفل في صدري 

وكمْ ......!

فتطايرتْ مثلَ العصافيرِ الصغيرةِ 

ثمّ لاذتْ بالفرار ْ

9- سبعون َ..

كم أقلعتُ من بحرٍ إلى بحرٍ

بأشرعتي ممزَقةً

غريبا ًأدمن الصبرَ الذي 

يعطيه أسبابَ التشبّثِ

بالمواعيدِ القفار ْ!

10- سبعون َ..

والشطآنُ ما نسيتْ مراكبها التي 

تاهت تصارع موجَها العاتي برحلة بحثها 

عن نجمة الأفْقِ وبوصلةِ البحار ْ

11- سبعون َ..

يا لهبَ اشتياقي للحقول البِكْرِ..

للنهر الرخيم يداعب ُالشطّينِ

للجسر العتيقِ 

قميصُه قَدْ قُدّ َمن دبُرٍ 

بسكّينِ التتار ْ

12- سبعون َ..

أضرمتِ المسافةُ في ضلوعي َ نارها

وتشتّتْ صوري الحبيبةُ كلّها ..

وتسرّبتْ كالرمل بين أصابعٍ حمقى

فهل من ريشة ٍ

لأعيدَ ترتيب المحطّاتِ الحبيسةِ

 في ركام جليدها..

وأشكّلَ الزمنَ المبعثرَ لوحةً

عن رغبةِ الإنسان 

في استنشاق أنسام الوجودِ

بمفردات الاختيارْ ...؟!

13- سبعون َ..

قد أدركتَ: أنْ لا ذنْبَ للصحراءِ

إن تاهت بها الخيلُ الأصيلةُ ظامئة ْ ...!

حسْبُ الرمالِ صمودُها الأزليّ ُ 

ضدّ الاحتراق 

ولم تناشدْ غيمةً حُلمَ انطفاءٍ 

وانكسار ْ

14- سبعون َ..

هذي خطوةٌ أخرى على جسر الحقيقة 

والحياة ِ 

استيقظتْ معها البراعمُ 

من سُبات ٍ

تعلنَ الفوح الشهيَّ َعلى صباح

الانبهار ْ....

15- سبعون َ..

إنّ تزاحمَ الآهاتِ لا يلغي اندفاعَ الياسمينِ

ولا انبثاقَ النورِ من قلب الدمار ْ....

16- سبعون َ

والطفلُ المعلّقُ مثلَ فانوسٍ بقلبي

لم يزلْ طفلاً

يُغافلُ أمّهُ حيناً 

ليسرقَ سكّراً 

من سلّةِ العيدِ الصغيرِ

وقبلةً من إبنةِ الجيرانِ 

في مرجوحة العيد الكبيرِ تموجُ

مثلَ فراشةِ الأزهارِ

في 

قصصِ الصغار ْ ...!

 

 

عصام حقي

شاعر وكاتب سوري

 

 

Whatsapp