الشعر يبهج إن شدتْ لي منبج
هذا بيان الحرف باسمك يلهج
صاغت لنا الأزمان درّ حروفها
فمضت على صدر الزمان تتوّج
طودٌ على الأيام بانَ رسوخها
وعلى رؤى الأحرار راحت تبرج
وتوضأت بالشعر كل ّ حقولها
حتى بدت سحرا يسرّ ويبهج
زاه مدى الأيام عالٍ شمسها
وعلى صهيل الحرف مجدك يسرجُ
دربا لك الأزهار صاغت عطرها
ليطيب بالأنسام ذاك المنهج
بهجتْ بك الأطيار تعلن عرسها
في دوح هذا القلب كان المبهج
لي فيك كالأحباب ألف خميلة
غرست لتولد بالعبير تدبّج
ودرجتُ في جنباتها قلق الخطا
كم راقني يا عين ذاك المدرجُ
ونسجت كالصوفيّ زهر حقولها
ليزين هذا الكون ذاك المنسجُ
حسبي لعبت على الفرات مداعبا
فرحا وحينا كالصغار أهبرجُ (1)
ولكم جلست على دروب أحبتي
فغدت خيوط الهمس مني تنشجُ
وكذا سرحت على تلال غيومها
وبذكر من أحببت أشدو ألهجُ
ولكم وكم سامرت فجر حروفها
ليصوغ عطر الحرف ذاك المبلج
فرحا أمتّع ناظري من سحرها
ويرود لي الأسماع لحن مصهجُ
هي منبج والشعر رهن بنانها
أنى اتجهت فثم دونك منبجُ
والبحتري هزار دوحٍ كم شدا
ولعلوة الأشعار صارت تدبَجُ
وأبو فراس كم تعثر خيله
في ساح منبج وهو فيها يلهج
ولريشة الأشعار كانت قبلة ً
وصدى الغزيّل في رباها يهزج
هي منبجٌ والله أبدعها سنىً
سبحان من جعل المدائن تسرجُ
يا قبلة الشعراء سحرك شاقني
وعلى جبين المجد ذكرك ينسج
لا تكتب الأشعار في حلباتها
إلا لتصعد هامها أو تعرُجُ
حسب المشاعر بالعقيق ترصّعت
والشاعر المفتون فيها المصلجُ (2)
فيحط دوقلة ركاب حروفه
كم سار هذا الدرب قبلاً يهمجُ (3)
وكذا هديل الحرف يغزل شدوها
وعلى عبير الحرف ورد يغنجُ
غنّت لك الأطيار رائع شدوها
فإذا الصباح منك زاه أبلج ُ
ما أجمع الشعراء يوما قولهم
إلا وكانت ملء فيهمُ منبج ُ
مصطفى البطران
شاعر سوري
أهبرج أضطرب في مشيتي
المصلج : من يذيب الفضة
يهمج : يجِد الفرس في سيره