أميركا على حقيقتها 92


 

الموضوع ليس بجديد، فقد كتب فيه الكثير بين مؤيد ومعارض، وبين مرحب ومستنكر، لكن الجديد هو حقيقة هذه الدولة كما ظهرت على لسان رئيسها الحالي الذي لم يأت بجديد،إنما تجرأ وتكلم بصراحة وجرأة بوصفه السياسة الأميركية نحو العالم اليوم.فهو يقر علنًا بما أخفاه أسلافه مع أنهم مارسوأ أسوء منه في الغالب،إذ يقول في آخر تصريحاته أن الأخلاق والإنسانية لا تحكم العالم اليوم، وإنما المصالح هي الحاكم، وهذا العالم لا مكان فيه للقيم والإنسانية، وهذا شيء طبيعي في عالم اليوم. ويستطرد في القول:" أنامثلًا أدير مؤسسات وصالات قمار، وأنا الآن رئيس أقوى دولة في العالم، العالم اليوم والنظام العالمي ليس فيه مكان للأديان والأخلاق، إن الفوضى اليوم في العالم ستخلق عالمًا جديدًا، إنها ولادة جديدة ستكلف الكثير من الدماء وعليكم توقع مقتل الملايين ونحن غير آسفين، فلم نعد نملك المشاعر. مثلاً سنقتل الملايين من العرب والمسلمين ونأخذ أموالهم ونحتل أراضيهم ونصادر ثرواتهم. أعترف أننا فيمامضى كنا نقلب الأنظمة وندمر الدول تحت مقولة الديمقراطية، أما اليوم لم يعد هناك داع للاختباء، فقد تحولنا من دولة إلى شركة والشركات تبيع وتشتري، وكي تبني لابد أن تهدم، وهي مع من يدفع أكثر".

يصل الرئيس الأميركي إلى نتيجة مدهشة للبعض على الأقل عندما يقول:"لا يوجد مكانًا مهيأً للهدم أكثر من الوطن العربي، مصانعنا الحربية تعمل ولايهمني من يموت، ومن يقتل في تلك المنطقة، وأنا سأكمل السيطرة على النفط العربي، وبذلك أيضًا نكمل السيطرة على أوربا فلا يوجد في المنطقة العربية شعوبًاحرة".

هذه هي أميركا اليوم التي لم تختلف منذ نشأتها إنما اختلف ساكن البيت الأبيض فكشف المستور ولم يأت بجديد،فهذه هي أميركا منذ نشأتها على أنقاض جثث ملايين السكان الاصليين،وهذه هي أميركا قنابل (هيروشيما) و(ناغازاكي) وفظائعها في حروبها الكونية من كوريا إلى فيتنام إلى أفغانستان والعراق وسورية، وما بينهما من إعدامات وخطف ومؤامرات وانقلابات ونهب وسلب.

إن شعارات قائدة العالم الحر وبلد الديمقراطية وحقوق الإنسان الذي أوهمت به البعض لفترات مختلفة، لم تعد تنطلي على الجميع، فالقيادة المصرية للوطن العربي في الستينات رفضت كل العروض الأميركية التي كانت تطلب الدخول في أحلاف مختلفة بعناوين وشعارات مختلفة وما حرب حزيران 967 إلا عقوبة لمصر على عدائها لأميركا، وهكذا كثير من الدول الخاضعة للعقوبات الأميركية منذ عشرات السنين ككوبا وكوريا وفنزويلا وغيرهما،إلا عقاب لهذه الشعوب.

لقد نهبت أميركا ثروات العالم باحتكارها للعديد من الثروات خارج بلادها، ولتسهيل حكم هذه البلاد خوفًا وطمعًا لضمان البقاء بالسلطة لهذه الاحتكارات بالسيطرة على هذه الثروات وحرمان شعوبها المقهورة والفقيرة من ثرواتها وحقها بهذه الثروات.

   

الكثيرون منا يعتبرون أن أصل الإرهاب هو أميركي، وفي الزمن الحديث قامت أميركا بالمشاركة مع حليفتها السعودية التي لا تقل عنها إجرامًا، قامت بتأسيس القاعدة ومولتها، وعندما انتهت صلاحيتها بدأت بتصفية قياداتها وفرخت منها داعش وأخواتها، طبعًا كما قلنا بالمشاركة مع خزان الارهاب السعودية التي تحارب اليوم أكثر من شعب عربي.

أميركا عدوة الشعوب وستبقى عدوة الشعوب، والآن لا عذر للحلفاء بعد ما كشف العنصري ترامب بجرأة ووقاحة عن وجه أميركا الحقيقي. لا شي كأن مصير حلفاء أميركا وأصدقائها هو نفس مصير القاعدة ونفس مصير الكثير من الزعماء الذين كانوا يعتبرون أنفسهم حلفاءها كما إيران وغير إيران.

 

 

محمد عمر كرداس

كاتب سوري

 
Whatsapp