اللاجئون السوريون في فرنسا


 

 

لكل لاجئ طريقته الخاصة في الوصول إلى الدول الأوربية، وما إن تصل العائلة إلى أوربا حتى تبدأ المعاناة من أوجه مختلفة، فلن يفكر أحد بعدها بالطعام أو الشراب أو الدفء، ولن ينظر خلفه خوفاً من إن كان أحدهم يتعقبه، أو سيارة تلاحقه لاعتقاله أو لخطفه، ولن يخاف من قذيفة تهوي عليه لتحرق جسده، أو طائرة تقترب لتهدم ما تبقى من منزله، لكن هناك ما يشغل كل تفكيره.

ففي حال لم يكن لديه أقرباء أو أصدقاء يقدمون له المسكن، يجب عليه أن يسلم نفسه للصليب الأحمر أو للطوارئ أو إلى قسم إيواء المشردين، ليتم إيداعه في فندق متواضع حتى في النظافة، وقد توضع عائلة مؤلفة من أربع أشخاص في غرفة واحدة لشهر أو أكثر إلى أن تبدأ إجراءات اللجوء وتستلم العائلة جمعية تعنى بطالبي اللجوء، ويبدأ المشوار الطويل. 

فرنسا معروفة بتعاملاتها الورقية التي لا تنتهي، ومواعيدها الكثيرة، وأسلوبها البيروقراطي في العمل، وقد تنهض صباحاً وتحتاج ورقة تستهلك يومك بالكامل.

على اللاجئ تسجيل طلبه في النافذة الواحدة التابعة للمكتب الفرنسي للهجرة، وقبل أن يبصم يقدم له الموظف تعريفاً بواجباته وحقوقه.

  • توفر الحكومة الفرنسية له سكناً دائماً.

  • الضمان الصحي مؤمن بالكامل لجميع أفراد العائلة.

  • ستلتزم الدولة الفرنسية بمنحه مبلغاً شهرياً وهي تكفي احتياجاته المعيشية الشهرية، وهذه المساعدة ستتحسن بعد حصوله على الإقامة الدائمة، وأكثر عند بلوغه سن التقاعد. 

  • سيحصل على بطاقة تخفيض للمواصلات وعند بلوغه سن التقاعد ستكون مجانية.

  • سيمنح وثيقة إقامة لمدة شهر لتقديم طلب اللجوء وبمجرد ابراز اشعار بريدي بإرسال أوراق اللجوء تستبدل بإقامة لتسعة أشهر.

  • بعد المقابلة المفصلية التي ستتم في باريس يمنح إقامة الحماية لأربع سنين، أو اللجوء لعشر سنين، وخلال خمس سنين يحق له ولعائلته الحصول على الجنسية الفرنسية.

  • الحكومة الفرنسية تلتزم بتوفير التعليم المجاني بكافة مراحله للاجئ وعائلته.

 

  • تمنحه الحكومة الفرنسية جواز سفر ووثائق سفر إلى كل بلدان العالم، والى وطنه فقط في الحالات الإنسانية الطارئة (وفاة أحد الأقرباء أو مرض خطير) وإلا ستسقط عنه صفة اللجوء.

  • سيتم منحه هوية مؤقتة فرنسية ووثيقة سفر، ويحق له الحصول على شهادات ميلاد فرنسية ودفتر عائلة فرنسي.

  • يمكنه استبدال شهادة قيادة السيارة التي حصل عليها من بلده بشهادة قيادة فرنسية.

  • وعندما يقرر العودة النهائية إلى وطنه تتكفل الحكومة الفرنسية بكل نفقات السفر. 

يقول أحمد الخلف من مدينة الرقة: خلال فترة تقديم اللجوء تكون أوراقنا غير كاملة، وبالتالي لا نستطيع فتح حساب جاري في البنك ولا استصدار كرت بنكي للشراء، فرنسا قائمة بكل معاملاتها على كرت البنك حتى في شراء شريحة موبايل، لذلك تجد العائلة كلها بدون هاتف أحياناً أو تمتلك هاتفاً واحداً، عدا عن أن المبلغ المخصص للعائلة بالكاد يكفي الاحتياجات الشهرية، وتجد نفسك مطالباً رغم ذلك، بأن تعيل والديك مثلاً في سوريا، رغم ذلك يعتقد الأقرباء والأخوة في سوريا أننا نعيش حياة رغيدة، وعندما لا نتمكن من أن نرسل القليل لذوينا نغدو في نظرهم غير بارّين بأهلنا.

نحن نشكر كل الشعوب التي وقفت بشكل إنساني مع معاناتنا، ونحن لا نريد بديلا عن وطننا، مدن العالم وناطحات السحاب والمساعدات المالية لا تعنينا، نحن نبحث عن الخلاص من مجرم شردنا كي نعود إلى وطننا الآمن.

أما ساكو ديمرجان من حلب فيقول: كل شيء يأتي مع الوقت، اللغة والتعلم والاندماج، لكن أكثر ما فاجأني هو تنكر السوريين لبعضهم، ويبدأ بعض السوريين بالكلام السيّء على بعضهم، ربما هو الخوف الذي زرعته فينا الحرب، فأصبحت الثقة بين السوريين شبه معدومة، وهذا يثير الحزن في قلبي.

ويتابع: البعض يفكر أننا سافرنا ونعيش حياة هانئة، لا أحد يفكر أننا كنا في غربة في وطننا وانتقلنا إلى غربة جديدة نعاني من العصبية الزائدة بسبب الإحساس بالفراغ، الفرنسي ينظر إلينا تارةً بعين الشفقة وتارةً أخرى وكأننا أتينا من كوكب خشبي، الجمعيات تعاملنا وكأننا متخلفون أو لا نعرف شيئاً عن الإلكترونيات والتقنيات، ويصرون دائماً على تنبيهنا إلى بعض الأمور السخيفة التي تسبب الحريق مثلا.

وأما بخصوص (الراتب)، فأولاً هذا ليس براتب وإنما مساعدة اجتماعية هي من حق أي انسان ليس لديه عمل، وتقوم الدولة بتقديم هذه المساعدة كي يتمكن اللاجئ من تحصيل عمل بأقصى سرعة ممكنة، وعلى الأغلب هذه المساعدة لا تكفي للحياة بشكل مريح أبداً، لا بل في معظم الدول الأوربية تكون دون مستوى الحد الأدنى للمعيشة (في فرنسا، على سبيل المثال لا الحصر، المساعدة المقدمة للفرد تكون حوالي 460 يورو وتقريباً 790 يورو للعائلة، بينما الحد الأدنى للراتب هو 1100 يورو تقريباً للفرد).

وما تقدمه الدولة من دورات لغة لا يكفي لأكثر من أن يعرف الإنسان أن يشتري حاجاته الأولية ويقول مرحباُ ويرد السلام.

في الحقيقة، اللاجئ ما أن يصل إلى أوربا حتى يشعر بالوحدة والعزلة الاجتماعية والقلق الوجودي، حالة من الضياع والحنين والإحساس بالعجز وصدمة بالواقع، فلا الحياة المادية سهلة ولا الحياة الاجتماعية ممكنة ولا تعلم اللغة سهل، الأوراق الرسمية وحدها بتعقيداتها تشكل صدمةً لمعظم المهاجرين وقد تحتاج إلى سنتين عمل وانتظار كي تنتهي العزلة الاجتماعية وفقدان العلاقات الحميمية والفراغ وحالة الانتظار كثيراً ما تؤدي مجتمعةً إلى نوع من الاكتئاب، أضف إلى ذلك أن بعض اللاجئين كانت ظروف سكنهم ومعيشتهم في بلدانهم أفضل بكثير من بلدان اللجوء.

 

إشراق

 

 
Whatsapp