أنا الرجل المنهكُ بك
والمنهكُ لأجلك
الهارب من الحظ السعيد
المتروك كنخلة في صحراء
أنا الغريب الهادئ
الوحيد
الممتلئ
المتعب
المتكئ
المصاب
الواقف كفرس جريحة
خلف السياج
....
أنا الرجل الذي يدور حولك
مصابٌ بدوار اللهفة
لا يبتعد
لا يقترب
لا يعيش ولا يموت
يحلم بأنه وصل إلى قلبك
يطرد الجموع منه
ويحلم بأنه استعاد مفاتيح الإمارة
....
أنا الرجل الذي صار دكتاتوراً في غيابك
أتدرب على الدماء
أقتلهم كل ليلة
الذين جلسوا على مقربة منك
وتجاهلوني
الذين لم ينادوك باسمك
بل اختصروه
والذين وضعوا لكِ الإعجاب
كمسمار في رأسي
....
أنا الرجل الذي يموت
في كل ليلة خمسين مرة
ودائماً تعود روحه في الصباح
فلا يرى الوردة قرب رأسه
حتى ولو وردةً يابسة
أنا الرجل الذي صار حجراً
لم يبكِ منذ أعوام
ولم يضحك منذ الولادة
....
أنا الرجل الذي أصابه الذهان
صار مهووساً بعودتك
يصطدم المارة به
وبه تصطدم لافتات الشوارع
والأشجار وأعمدة الإنارة
أنا ذلك الغريب
يخاف العتم
يكره الضوء
يهرب من الشمس
ويختبئ في قلب البرد
هناك جزيرة بعيدة في رأسه
وفي قلبه غابة تحترق
....
أنا الرجل الذي ينتظر قطاراً فاته
ينتظر المعجزات
عصا موسى
وينتظر أخوته
أخوة يوسف
يمشي على الماء
ويغرق في الهواء
أنا الرجل الذي عاد طفلاً
والأهل قد غادروا المكان
والمرأة الوحيدة التي في قلبه
أغلقت كل الأبواب
أنا الرجل الذي صار سحابة
لا يستطيع العودة
إلا إذا صارت روحه مطراً.
محمد سليمان زادة
شاعر وكاتب سوري