الأسئلة التي في أجوبة أردوغان


كان لاجتماع أردوغان - ترامب تأثيرًا إيجابيا كبيرًا في العلاقات التركية مع الولايات المتحدة. أعتقد أن ثمة نتائج ملموسة لقرار العمل المشترك ومواصلة المفاوضات.

دعونا لا نكون حالمين أو متفائلين كثيرا بخصوص ظهور حل في المدى القصير للمشاكل الأساسية الموترة للعلاقات الثنائية ، وخاصةقضية منظمة غولان FETÖ  وتنظيم واي بي جي YPG الإرهابيتين.

هذه القضايا وصلت إلى هذه النقطة نتيجة لسنوات طويلة من التراكم. بعضها ربما لن يجد حلا على الإطلاق. فمن الواضح جدا وجود اختلافات بين تصوري أنقرة وواشنطن لمستقبل النظام الدولي والعلاقات الدولية. ربما نرى هذا الاختلاف ليس فقط في محادثات أردوغان مع ترمب بل في محادثاته السيناتورات أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي أيضا.

 

الفرق في فهم وتصور العدو والصديق

بينما كان الحديث يدور عن منظومة صواريخ  S-400 وجه عضو مجلس الشيوخ السؤال التالي لأردوغان. "هل روسيا هي العدو أم أم نحن العدو". هذا السؤال أظهر وبين لنا مدى الاختلاف بين الطرفين في تصور "قانون التحالف". لا يبدو أن احتضان زعيم تنظيم غولان   FETÖ وتسليح تنظيم واي بي جي YPG ذراع بي كا كا يتناقض مع الصداقة، لا يبدو ذلك تناقضا في الولايات المتحدة. و في الولايات المتحدةأيضا لا تعتبر دعوة واستضافة زعيم تنظيم واي بي جي المدرج على الائحة الحمراء للإرهابيين المطلوين عملا عدائيا. أما عند شراء S-400  فيطرحون التساؤل "من هو العدو؟"

الولايات المتحدة التي ترى في كل من لا يقف بجانبها في مكافحة الارهاب خصما، حينما يتعلق الأمر بتركيا فإنها تختار منظمة إرهابية "كشريك" في محاربة الإرهاب تحت ذريعة "الاستخدام المؤقت لهم"

المنظمة الإرهابية عندما يتعلق الأمر الى تركيا "مؤقتا" تحت ذريعة له "شركاء" يمكن تحديدها. الولايات المتحدة بهذه الخيارات والقرارات، إنما تقوم بمحو الفارق بين الأصدقاء والأعداء، وتزيل الحاجز الذي يميز بينهما. كانت إجابة أردوغان على سؤال السناتور بصيغة تصف وتوضح توازنات العالم الجديد، إذ أجاب قائلا: "أريد أن تكون كل من الولايات المتحدة وروسيا صديقتي".

 

إجابة واحدة، لكن بها أسئلة كثيرة

برأيي، أردوغان من خلال هذا الجواب، لم يقصد فقط تناول العلاقات بين الدول بمفهوم الربح المشترك للأطراف المعنيين، بل أشار إلى العديد من الأسئلة في ذهنه:

  • هل يمكن اعتبار سياسة الولايات المتحدة تجاه تركيا في العام الماضي عمل صداقة وتحالف؟

  • إذا كنا حلفاء   ألا يجب أن تدعمونا وتدعموا جهودنا في مكافحة الارهاب؟ أو على الأقل أن تتعاونوا معنا في مجابهة منظمات إرهابية كمنظمة غولان وواي بي جي؟ 

  • هل يمكن اعتبار روسيا اليوم هي الاتحاد السوفيتي بعد الحرب العالمية الثانية؟

  • في وقت لم يقدم فيه حلف شمال الاطلسي الناتو الدعم اللازم للدفاع عن تركيا ومصالحها الأمنية،ما المشكلة في شراء تركيا  منظومة S-400 من روسيا؟

  • في حين تخلت الولايات المتحدة عن التحالفات متعددة الأطراف في سبيل العلاقات الثنائية فهل يمكن لها أن تطلب من تركيا أن تتخلى عن المصالح التي حصلت عليها من خلال علاقاتها مع روسيا وذلك فقط من أجل الناتو؟

  • إلى أي مدى يمكننا الوثوق بحلف الناتو أو الولايات المتحدة عندما نختلف مع روسيا أو تتوتر علاقاتنا معها؟ كما نرى في أزمة إسقاط الطائرة الروسية.

 

  

يمكننا تكرار وزيادة عددها هذه الأسئلة، لكن جوهرها لا يتغير. تركيا لن تنظر إلى روسيا بنظرة تمييز كصديق أو عدو مسلط عليها أو ضدها،فهذه ضرورة في العالم الجديد حتمية لا مفر منها.. ما دامت واشنطن لا تصغي للسياسة التركية التي تجيب على هذه الأسئلة فإنه لن تكون نَهاءَة للتوتر في العلاقات الثنائية.

 

جداول الأعمال المقبلة

النتيجة الواضحة للقمة: هي فهم أن S-400 هي المفتاح والفاعل في العلاقات، والتصميم والاصرار على مواصلة المفاوضات الثنائية للتوصل إلى حل. هذه المفاوضات تعطي الأطراف فرصة مهمة ووقتاً طويلاً لإدارة الخلافات والتوترات.

في هذا السياق، يمكن لأنقرة وواشنطن أن تتعاونا في إعادة عناصر داعش إلى بلدانهم التي قدموا منها وأن تتعاونا في جمع الأموال من أجل إعادة وتوطين مليون لاجئ في المنطقة الآمنة. إن إدارة عملية إعادة اللاجئين بموجب قواعد "مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين"(UNHCR)  سيجبر الاتحاد الأوروبي على المشاركة والمساهمة في حمل الثقل الكبير.

في الأشهر المقبلة، ستركز أجندتنا وجداول أعمالنا على الجهود المبذولة لإعادة توطين اللاجئين في بلدنا في شمال سوريا.

 

برهان الدين دوران

 
 
Whatsapp