مشروع أحمد قاسم الوطني


 

 

ولد (أحمد قاسم) في قرية جورت التابعة لعين العرب/كوباني عام 1953. انضم لصفوف الحزب الديمقراطي الكردي في سورية عام 1968. وهو أول حزب كردي سياسي تأسس في سورية الحديثة عام 1957. استمر في نضاله السياسي حتى آخر لحظة من عمره، حيث رحيله عن عالمنا كان في 28 من تشرين الثاني/ نوفمبر 2019 ودفن في مسقط رأسه.

تجربة طويلة عميقة تمتد لخمسة وخمسين عامًا. عاش كل مراحل التجربة السياسية الكردية والسورية والاقليمية. من نضال سياسي إلى برلماني إلى معارضة سياسية للحكومة السورية علنًا دفع ثمنها بالاعتقال والسجن تارة وبالهجرة والابتعاد عن الوطن تارة أخرى. 

رؤية أحمد قاسم؟ 

لا تختلف رؤية أحمد قاسم كثيرًا عن رؤية حزبه الذي سمي بالحزب الديمقراطي الكردي التقدمي تميزًا عن الاحزاب التي انشقت عنه بسبب تباين في الرؤى أو السلوك.

يعتبر الكرد السوريين جزءً من الشعب الشعب السوري ولا يستخدم مصطلح كردستان سورية، ويؤمن كحزبه بالنشاط السياسي الجماهيري الديمقراطي السلمي.

يطالب بحقوق الكرد السياسية والثقافية والاجتماعية في إطار الوطن السوري في ظل نظام مدني ديمقراطي.

كان يدرك أنه بعد تقسيم المنطقة وفق اتفاقية سايكس بيكو، وتوزيع الأدوار، لم يبق للكرد سوى النضال. كلٌّ في الدولة التي رسمت له، دون أن ينسى التعاطف مع أبناء جلدته في الدول الأخرى، ولكن التركيز على الدولة التي بات جزءً منها.

تقييمه الوضع الكردي في سورية والمنطقة عمومًا؟

يقول أحمد قاسم في مخطوطه " وفقًا للمتغيرات في المنطقة بعد تنفيذ سايكس بيكو، بدأت الدول الإقليمية تستخدم المعارضة الكردية واستعمالها لتصفية حساباتهم فيما بينهم مع الحفاظ على الموقف المعارض لتحقيق حقوق الكرد وهذا ما أثبتته المراحل التاريخية اللاحقة". وقسم أحمد قاسم المراحل – كما في مخطوطه- إلى خمسة مراحل في تاريخ الحركة السياسية الكردية في سورية.

المرحلة الأولى: الكرد بعد الاستقلال

  يرى أحمد قاسم بأن الكرد هنا لعبوا دورًا وانخرط الساسة في حركة تأسيس الدولة، وتبوء مراكز مهمة لم تدم مع عصر الانقلابات الذي لم يتح فرصة بناء المؤسسات.

المرحلة الثانية: من الاستقلال حتى الوحدة

وصفها أحمد قاسم بأنها مرحلة متقلبة جدًا، وغير مستقرة. في ظل الانقلابات والاغتيالات السياسية، وكان الكرد في تلك المرحلة موزعين ما بين الكتلة الوطنية والحزب الشيوعي السوري.

المرحلة الثالثة: الوحدة – حتى استلام حافظ أسد 

كانت هذه المرحلة - وفق مخطوط أحمد قاسم- سيئة سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا.  فقد اعتقل أغلب السياسيين الكرد عدا عبد الحميد درويش زعيم حزبه، وتم الافراج عنهم بعد الانفصال. ولا ينكر دور ومسؤولية القيادة في تلك الفترة في تدهور الوضع السياسي الكردي في سورية. ويقول عنها بأنها أسست ثقافة مشوهة.  ويرى الخطوة الأكثر خطورة في تاريخ الحركة السياسية الكردية وهي عام 1970 عند قبول دعوة بارزاني لتوحيد الحزب الذي انشق لحزبين بسبب الاختلاف في وجهات النظر والسلوك مما أنتج عن المؤتمر حزب ثالث زاد من التعقيد. 

المرحلة الرابعة: مرحلة الأسد 

يقسم أحمد قاسم مرحلة الأسد إلى ثلاثة مراحل، الأولى من عام 1971- 1982 والثانية من 1982- 2000 والثالثة من 2000- 2011.

يقول قاسم في مخطوطه:" التحول الكبير في الحركة الكردية السورية بدأ مع دخول حافظ الأسد اللعبة، واستعداده دعم الثورة الكردية في العراق ضد النظام العراقي الذي كان بدوره يقوم بمحاولة اسقاط نظام الأسد. فقد اتصل حافظ الاسد في عام 1975 مع قادة الثوار العراقيين عام 1975م، وتم إعلان الاتحاد الوطني الكردستاني عام 1975 من دمشق. واستئنف القتال في كردستان العراق في عام 1976 بدعم ليبي سوري بين الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني التابع للبرازني. وانعكس ذلك على الحركة السياسية الكردية في سورية، فانقسمت الأحزاب من ثلاثة إلى ستة أحزاب." 

يشرح كيف استخدم الأسد الكرد في سبيل مصالحه، وأن المرحلة الثانية من سلطة الأسد، من أسوء المراحل على الإطلاق، خاصة بعد عام 1985. حيث كانت الحركة الكردية في سورية " تتخبط في أوحالها التي صنعت بمهارة" وكانت في حالة تشتت ومعزولة ولا جهات دولية تساندها. كانت كاليتيمة التي فقدت المأوى. وكانت قيادتها متخلفة عن المستوى المطلوب. وغير قادرة على الاعتماد على ذاتها لممارسة الممكن والحفاظ على شيء من الاستقلالية وبناء شخصية مستقلة تتوافق مع خصوصيتها. 

كان يرى أن هناك قصورًا في بناء الذات اقتصاديًا. وهناك قصورًا اجتماعيًا من خلال فشل خروج الأحزاب الكردية عن النمط الريفي والمجتمع العشائري والتقوقع، وعدم فتح العلاقات مع المكونات الأخرى من الشعب السوري لطرح حقيقة قضيتها القومية والوطنية.

المرحلة الأخيرة: بعد الثورة

يرى أن الكرد في سورية لا مجال ولا مناص لهم سوى العمل سويًا مع باقي مكونات الشعب السوري لبناء دولة وطنية تراعي حقوق كافة المكونات ضمن دولة مدنية ذات مؤسسات. وكان ينطلق في ذلك من خلال التأسيس من جديد.  وفق المتغيرات. وهذا يحتاج لجهد مضاعف من كافة الخبرات لتكوين هذه النواة لقيادة المرحلة القادمة. وهذا يعني العودة إلى البدء. وهو عنوان مقاله الأخير الذي نشر في صحيفة اشراق العدد 92 في 15/11/2019 بأن الشعب السوري كله ضد الحرب وضرورة عودة الجميع إلى مناطقهم سواء النازح داخليًا أو المهجر خارجيًا. وحتى يتحقق ذلك يقول " نحتاج إلى ثورة سلمية من نوع آخر لنحقق لشعبنا وطنًا ينتمي إليه وهوية يفتخر بها ودولة ينشئها." وهذا هو مشروع أحمد قاسم.

ملاحظة: المخطوط باسم "الحركة السياسية الكردية في سورية" كان المفروض أن أكتب عنه مقدمة حين يتم معالجته ومراجعته من قبله، ولكن شاء الله أن ينقله من هذه الدار، غفر الله له ورحمه.

 

 

علاء الدين حسو

كاتب وإعلامي سوري

 
Whatsapp