رحل عن عالمنا بالأمس القريب الأستاذ أحمد قاسم، رئيس القسم الكردي في صحيفة إشراق، غادرنا إلى جوار ربه، بعد أن كان من أعمدة الصحيفة الرئيسيين، وهو الذي لم يـألُ جهدًا في إنتاج حالة صحفية جدية متميزة، على طول المدى، (إشراق) سألت أصدقاءه ومتابعيه عن ما يمكن قوله بهذا الراحل المهم، وكيف ينظرون إليه، وماذا يتحدثون عنه، حيث أكد السيد عبد الباري عثمان، عضو الصالون السياسي قائلًا " (لأنك أنت.. يا حبيبتي تعهدت أن لا أتراجع عن وعدي لأنني أعشق تربتي وأعيش مع دفء وطني فلولًا حبي لأشواك بلدي لما قدمت لك أجمل باقة من الورود ولولا اشتياقي لشروق شمس بلادي لما أحرقت نفسي بنور عينيك.) بهذه الكلمات الجميلة المليئة بالإحساس الوطني نستطيع أن نتعرف على أحمد قاسم الذي ولد عام 1953 في قرية بيل ويران التابعة لمدينة كوباني، انضم للحزب التقدمي الديمقراطي الكوردي في سورية عام 1968. طبع ديوانه الأول آسو باللغة الكوردية عام 1985 وله العديد من المقالات باللغتين الكوردية والعربية، كما أن له كتابًا قيد الطباعة باللغة العربية. له أربع بنات روشن وروبين ومزكين وهيلان وابنًا وحيدًا اسمه شيروان. ترشح لعدة دورات للبرلمان السوري كمستقل في أعوام 1983 و1986 و1998. اعتقل عدة مرات وعبر سنوات متعددة منها 1983 و1986 و1998 من قبل أجهزة المخابرات السورية وتعرف على (أكاديميتهم التعذيبية). ترك الوطن باتجاه السليمانية بكوردستان العراق عام 2004 ولغاية 2014، ثم اتجه إلى اسطنبول التركية ليكون قريبًا من أبناء ثورته، ثم استقر في أقرب ولاية لمدينته كوباني وهي غازي عنتاب الى يوم وفاته." وأضاف " كان من أجرأ الشخصيات السورية عامةً والكوردية خاصةً، صديق صديقه وفيٌ لمبادئه كريمٌ بعطائه عزيز النفس، مسامح في التعامل، إنه أبو روشن هكذا كنت أناديه ".
أما السيد منجد الباشا فقال عنه " هو المناضل الكوردي السوري، ففي غمرة الحراك الثوري الذي كنا نخوض صراعاته في مدينة عنتاب التركية، حيث حط بنا الهرب من براميل الموت بعد أن تمكن منا أعداء الثورة السورية. وذلك في سياق محاولات سياسية عديدة مع مجموعة من القوى السياسية السورية. التي اجتهدت في أكثر من مبادرة علها تنتج إطارًا سياسيًا متقدمًا يخدم الثورة ويلبي احتياجات ساحتها. وعلى مدار عدة سنوات. ولكن دون جدوى. التقيت الأستاذ أحمد قاسم كممثل للحزب الديمقراطي التقدمي الكوردي ، وكان لافتًا، إذ إنه بالضد مما كنا خضنا معهم العديد من الحوارات والسجالات من الإخوة الكورد الذين تفاعلنا معهم في إطار ما تقدم، كان الفقيد يتميز بهدوئه وابتسامته الموحية التي لطالما ذكرتني بسهول وجبال مناطق بلدة عفرين القابعة في الشمال السوري، التي كثيرًا ما أحببتها. وأحسست بوداعتها. نعم كان لافتًا، فقد كان كثيرًا ما يسهب في تبيان وإظهار مظلومية أبناء قوميته. لكن دون تضخيم أو تهويل أو تعصب، حتى لكأني كثيرًا ما وجدت فيه كأي واحد من الإخوة العرب الذين أيضًا وقع عليهم الكثير من الظلم والاذلال." ثم قال " كان يريد لقومه ما يريده لكل سوري آخر، يريد الوطن الذي يؤمن أسباب وحقوق المواطنة للجميع. يريد سورية موحدة. وأهم من هذا وذاك، كان يعمل على انتصار الثورة السورية، أولاً وأخيرًا. هكذا رأيت الفقيد رحمه الله. وقد كان خبر افتقاده. مفاجأة موجعة تُضاف إلى غيرها من الموجعات التي مازالت تنهش بنا. وتعوقنا عن إنتاج إطار سياسي وطني يمثل الثورة والثوار. الرحمة لروح الفقيد. وعهدًا. على المضي قدمًا في النضال انتصارًا للملايين من أمثال الفقيد الثائر".
الدكتور محيي الدين بنانا منسق الصالون السياسي في عينتاب قال " ما أعرفه عن الأستاذ أحمد قاسم أنه إنسان وطني ثوري ناضل ضد الاستبداد والفساد، وكان يحترم وجهات نظر الآخرين، حتى من هو مختلف معهم، ويمتلك الكثير الكثير من الوعي السياسي ".
أما الدكتور مروان الخطيب المنسق السابق للصالون السياسي في عينتاب فقال:" خسرت الثورة السورية رجلًا عمل فترة طويلة من حياته في العمل السياسي مؤمناً بقضايا الحرية والكرامة للشعب السوري، كما عمل بقلمه الذي استطاع أن يجسد رؤيته الفكرية السياسية محاولاً صقل القضية الوطنية بشكل تستطيع أن تشبك النسيج الوطني الذي عملت قوى انفصالية عديدة على تمزيقه لإلهاء قوى الثورة وتشتيتها بمعارك جانبية. وإن كان لقائي الأخير معه عبر تشكيل الصالون السياسي في عنتاب في محاولة لتشكيل نواة للحوار المجتمعي في المهجر، فإنما كان جهداً صادقاً في سياق عمله الوطني في مواجهة القوى التي عملت على إلغاء الحياة السياسية وجعلها حكراً على المؤسسات الرسمية للأنظمة ولمصادري المنابر السياسية للثورة السورية. بفقدنا لأخ عزيز سخر جل حياته للعمل الوطني تستمر الثورة في تقديم القرابين على مذبح الحرية والكرامة، ولا يسعنا هنا إلا أن نؤكد عزيمتنا على ما تعاهدنا عليه في استمرار العمل لتحقيق الحرية والكرامة لشعبنا، في بلد يتمتع جميع أبنائه بحق المواطنة الكاملة. "
الأديب السوري عبد الكريم الحاتمي تحدث لإشراق قائلًا " أحمد قاسم قلم وطني، جف مداده. بهدوء وبلا مقدمات طويلة، غادرنا الأستاذ أحمد قاسم إلى جوار ربه، وتركنا في حالة من الذهول، غير مصدقين، أن أحد فرسان الكلمة الصادقة. والقلم الحر، والرأي الأريب، ترك الميدان." وقال " يشدك بهدوئه واتزانه. وتعجبك ابتسامته الواثقة، وتقنعك جمله المتأنية، المستندة إلى الوقائع بتمعن، ونظرته الثاقبة في استقراء المستقبل.. لا تستطيع أن تستفزه بسهولة. كان سوريًا وطنيًا بامتياز. كرديًا بموضوعية. لا يساوم حول وطنيته. ولا يتنكر لكرديته. يربط الأحداث كما ينبغي. ويستشهد بالتاريخ الذي تمثله بعقلانية ومنطقية. تشهد له المنابر ووسائل الاعلام. وصفحات التواصل. خسرنا أستاذًا سنتذكره طويلًا".