كلهم للشتاء منتظرين
يتمترسون خلف النوافذ والأبواب والحرس
قد روّضوا مخاوفهم
يتوهمون العزيمة في ارتعاشاتهم
صباحاً أمام المرايا
يربّتون على أكتافهم مُطمئنين
يستعجلون الغيوم وتعليمات ساداتهم
يغازلون الريح
يراهنون على البرد بلهفةِ قاطعِ طريقٍ
يلبدُ في كمين
قرأوا:
(هنيبعل) كسره البرد على تخومِ النصر المكين
سيتركون الشوارع عارية
ترتدي أسمال الفقراء
والأرصفة لن تتسعَ للعشاق
لثورة بثياب غانية
وربما يغلقون المجاري
لتطفح الشوارع بالسيولِ بأوبئةِ الطوائف
بالدماء
الانسحاب من الفوضى لا يقدّرَ بثمن
هم يفعلون بالمماطلة
والشعب تتسلل تحت أمانيه سيول التسويف
سيغتالون نهارات الهتاف وليالي المسامرة
في بيروت وطهران وبغداد والمحمّرة
نحن قبلهم غرقنا في وحل الإهمال
قتلتنا النخوةُ
وانحدارنا دون أن ننتبه للفقر المهين
قتلونا بالبرد والجوع وانتظار المعجزات
قتلتنا ألاعيب السماسرة ومكر الصامتين
أرانا حيارى
في فيافي التجاهل الدولي مُتعفنين
والصباحات القارسة تتعرّق من لهاثٍ وأنين
أرانا في أزقتنا نكفرُ باليقين
حين يتهاوى الأطفال والنساء الآمنين
والغدرُ متروكٌ لشمشون
كخيارٍ أخيرٍ أمين
حين نذوي بلا دفءٍ أو نصير
ننخدعُ بقشور نصرٍ هزيلٍ،
ثم إيابٌ للخونةِ الآفلين
وهم يتلصصونَ من ثقوب أبوابهم هازئين
يدفئون مسروقاتهم
لتكون مراسٍ لمراكبِ البلاد الخلاسيّة
الأبُ: قرصانٌ أعور الضمير لدود
والأمُّ: غانيةٌ غربيّة جشعة ولود
لا أرانا في غدٍ
إلّا كغيثٍ عميم
يقطف سنابلنا الجبناء وسُراقَ الخبزِ
واليقين
محمد صالح عويد
شاعر وكاتب سوري