ما بعد قانون "سيزر" ليس كما قبله


 

بعد حصول قانون "القيصر/سيزر" على أغلبية الأصوات في البرلمان الأميركي 377   صوتًا بالموافقة، مقابل 48 صوتاً ضدّه، و 5 أصوات امتنعت عن التصويت)، حدث ذلك في جلسة الأربعاء 12 كانون أول / ديسمبر 2019، فقد أخذت ردود الفعل مناحي متعدّدة، تجاه القانون ومفاعيله المستقبلية على القضيّة السورية برمّتها، هناك فئة المشكّكين، والمتشائمين، وصولاً إلى المتفائلين. وما بين أولئك هناك " المتشائلين" الذين يزيدون الأمر تعقيداً بالنسبة لملايين السوريين وهم يبحثون عن بارقة أملٍ تخلّصهم من هذه الحال المزرية التي وصلوا إليها، إن كان على صعيد المناطق الخارجة عن سيطرة نظام الأسد وتتعرّض للقصف اليومي وخاصة في إدلب، أو التي تخضع لسيطرة النظام والتي هي أيضاً تعاني من نقص الخدمات والغلاء في ظلّ غياب الأمن، وازدياد أعمال النهب والخطف والاعتقال، هذا إذا ما أضفنا إليها الانهيار الكبير الذي حصل مؤخراً لليرة السورية مقابل الدولار، والذي ينذر بحصول " مجاعة " فيما لو استمرّ تدهور الليرة وهو ما تتوقعه مراكز الدراسات الاقتصادية، وما حذرت منه الأمم المتحدة في تقريرها الأخير، الذي ذكرت فيه أرقاماً مرعبة عن عدد السوريين الذين يعيشون تحت خط الفقر، إذ بلغت نسبتهم 80 بالمئة تقريباً. 

في ظلّ هذه الظروف المأساوية التي يعيشها السوريون، يأتي قانون سيزر ليبعث الأمل بقرب سقوط النظام، إلّا أنّه تعالت أصوات المتشائمين فجأة منتقدة القانون والدور الأميركي المتآمر على الثورة السورية، وأنّه لا يعدو أكثر من قانون سيستفيد منه (ترامب) في ابتزاز الأطراف المعنية بالقضية السورية، ولن يؤثّر على النظام.

آخرون صبّوا جام غضبهم على النائبتين العربيتين في البرلمان، اللتان صوتتا ضدّ القانون، وهما رشيدة طليب من أصول فلسطينية وإلهان عمر من الصومال، رغم أنّهما صوتتا لصالحه في ثلاث مرات سابقة، حين عرض بشكل مستقل على المجلس، أمّا هذه المرة فقد تم ربطه كملحق بقانون موازنة الدفاع، ومع ذلك امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بالتنديد، دون أن يكلّفوا أنفسهم عناء شرح بنود القانون، في محاولة إعادة السوري إلى دوامة اليأس والإحباط. 

قانون سيزر باختصار

هو بمثابة "تحذير شديد" لجميع الدول والشركات والأفراد، بعدم التعامل مع النظام أو تقديم المساعدة التقنية له وخاصة في مجالات الطاقة والاتصالات وقطع غيار الطائرات التي يستخدمها في قصف المدن السورية، والعديد من المجالات التي من شأنها دعم النظام في قتل الشعب، تحت طائلة العقوبات الأميركية الشديدة، ويشمل ذلك التحذير حتى الدول الحليفة للولايات المتحدة.

كما يتضمن القانون قائمة بأسماء المسؤولين في النظام، الذين تشملهم العقوبات: رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزراء وقادة الفرق العسكرية وأجهزة المخابرات وقائد الحرس الجمهوري ومدراء السجون والمحافظين ورؤساء الفروع الأمنية في المحافظات السورية، بالإضافة إلى مدير مركز البحوث العلمية ونوابه. 

ومهما اختلفت المواقف والتحليلات حول قانون سيزر ومدى تأثيره على مستقبل الصراع في سورية، فقد بات من المؤكّد أنّه إذا ما تمّت المصادقة عليه في مجلس الشيوخ ومن ثمّ توقيعه من قبل الرئيس (ترامب )، فإنّ أموراً كثيرة ستتغيّر في المشهد السوري، ويمكن حينها القول :" ما بعد قانون سيزر ليس كما قبله"، وخاصّة بالنسبة للجانبين الروسي والإيراني الذين عملا طيلة السنوات الماضية على تثبيت الأسد ومحاولة إعادة تدوير النظام، بفرض سياسة الأمر الواقع، ضاربين عرض الحائط بكل القرارات الأممية، الداعية إلى ضرورة إيجاد حلٍّ سياسي من خلال (هيئة حكم انتقالي) تقود  البلاد إلى الاستقرار والديمقراطية والعدالة.

 

 

ياسر الحسيني

 كاتب واعلامي سوري

 
Whatsapp