قانون سيزر قاب ارتياح وقلق


 

                                                                     

القلق قرين السوريين، ربما هي العبارة الأقرب للمنطق الذي يتعامل به السوريون كحد سواء عند كل نائبة أو انفراجة، لأسباب تتعلق بطول أمد الثورة، والانعطافات الهائلة، والخذلان الذي عاناه السوريون، وهذا الركود الذي أصاب النفوس وأنه لا أفق.

أيضًا في تبنيهم لنظرية المؤامرة، وإن كان لهم الحق في جوانب عديدة لكنه لا يعني بأنه صحيح على إطلاقه، ولا بدّ أن يعي السوريون بأن العالم أكبر من منظومة البعث، وإعلام نظام الأسد وما يردده غلمان المقاومة وقطعان الممانعة. 

فتصور الناس بأن العالم كله يُحكم بنفس آلية الأنظمة الشمولية التي يملكها الحاكم المطلق الذي لا يأتيه الباطل، ولا رادّ لقوله، لا ينطبق على كثير من الدول الكبيرة المتقدمة علمياً وصناعياً وعسكرياً، التي تعتمد الإدارة الديمقراطية، إن أعجبنا الأمر أو أساءنا.

الحديث هنا عن الإدارة الأميركية القادرة على تنفيذ أي قرار يمس أمنها القومي أو يلامس مصالها منفردة ودون الرجوع إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن إن شاءت، فالحديث عن القوة العظمى الأولى في العالم عسكرياً وإنتاجاً للأسلحة المتطورة والعالية الدقة، واقتصادياً في دولة تتحكم بالدولار والكثير من منابع النفط والتجارة، وبحثياً في دولة تحوي أكثر من ست وعشرين ألف مركز للأبحاث.

وآلية المراسم التنفيذية لا يتوقف على رئيس الولايات المتحدة وحده فالكونغرس الأميركي يمكنه إيقاف أو إلغاء قرار صادر عن الرئيس، وهذا ينطبق أيضاً على الحرب وإعلان حالة الحرب، فرئيس الولايات المتحدة يملك صلاحيات غير محدودة في المجال الحربي وبدء عمليات عسكرية على أراضي الدول الأخرى حين يكون التدخل حاسماً وجازماً، لكن الكونجرس هو من يملك حق إعلان الحرب، والرئيس يشكل وينفذ السياسة الخارجية ويعقد الاتفاقات الدولية وصلاحيات كثيرة أخرى.

تمرير قانون يتعيّن الموافقة من قبل المجلسين التشريعيين في الكونجرس بموافقة 51 عضوا من أصل 100 عضو في مجلس الشيوخ في حال لم يستخدم أعضاء مجلس الشيوخ التعطيل.

بمعنى آخر: مجلس الشيوخ الأميركي الحالي، يحتاج الأعضاء الجمهوريون البالغ عددهم 52 عضوًا إلى أصوات ثمانية أعضاء ديمقراطيين كي يوقفوا مناقشات الإعاقة والتعطيل، ويستعدوا للتصويت على مشروع القانون، وبمجرد أن يكون هناك ما يكفي من الأصوات لإنهاء التعطيل، 

يتعين على مجلس الشيوخ التصويت رسمياً كي يتسنى لهم تمرير مشروع القانون، ولكنهم لا يحتاجون سوى إلى أغلبية بسيطة فقط (51 صوتا) لإجازة القانون. أما إذا لم يكن التشريع مثيرًا للجدل ولم يجر استخدام إجراءات مناقشات التعطيل، عندها يكون التصويت بأغلبية بسيطة كافيًا لتمرير مشروع القانون. 

موافقة مجلس النوّاب بالنسبة اللازمة للتمرير 218 عضو من أصل 435 نائب حتى يمرر القانون الذي تم التصويت عليه. وهذه الإجراءات المتبعة لها ما يبررها ومن ينتقد أداءها في ظل وجود حزبين متقاربين متنافسين تختلف مصالحهما وارتباطاتهما وعلاقاتهما أحيانًا وتتلاقى في أحايين أخرى في سيرورة الضوابط والتوازنات ، ربما تتوافق مع ما نرجو أو تتصادم مع أمنياتنا، ومن الممكن أن لا يوافق الرئيس على تمرير القانون وفي هذا يتم اللجوء إلى إجراءات أخرى لسنا في صددها. 

 قانون سيزر أو قيصر نسبة للمنشق عن النظام السوري الذي سرّب 55 ألف صورة سنة 2014 عائدة لـ 11 ألف معتقل قضوا تحت التعذيب الوحشي في سجون نظام الأسد.

هذا القانون لم يتمكن من الوصول لمجلس الشيوخ الأميركي رغم مروره في مجلس النواب في الكونجرس عامي 2016 – 2017. وبعد موافقة مجلس الشيوخ بنسبة مرتفعة جدًا 86 عضو مقابل ثمانية أعضاء وقعوا بالرفض، نحن  على أبواب توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد إدراجه مع قانون آخر يتعلق بميزانية وزارة الدفاع بعد جهد طويل من المنظمات السورية الأميركية الداعمة للقانون، وشبه توافق جمهوري ديمقراطي للنواب في الكونجرس الأمريكي، في خطوة توصف بالجديّة من قبل إدارة ترامب في معاقبة نظام الأسد، القانون نفسه الذي تعرقل مروره بضغوطات من إدارة أوباما قبيل انتهاء ولايته ومغادرته للبيت الأبيض، أذعنت له القيادة الديمقراطية في الكونجرس حينها. 

هذا القانون الذي من شأنه تقييد مصادر المال التي تمول الحرب في سورية يستهدف الداعمين الأساسيين للأسد كروسيا وإيران وأي دولة أو شركة تمول أو تتعامل مع مؤسسات نظام الأسد وبالتالي بنك سورية المركزي، ومنتجي النفط وشركات البناء، بمعنى أن لا إعادة إعمار في سوريا في ظل وجود نظام الأسد الذي سيصبح عائقاً أمام طموحات إيران وروسيا تحديداً بأموال وملف إعادة الإعمار. والقانون يهدف إلى تشجيع المفاوضات بالسماح للرئيس برفع العقوبات في حال انخرط الطرفان في مفاوضات جديّة وأوقف النظام العنف ضد المدنيين، كما يمكن للرئيس الأميركي أن يقدم تقريراً إلى الكونجرس حول إمكانية فرض منطقة حظر للطيران في سوريا، وتقديم أسماء المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة.

قانون سيزر أو قانون حماية المدنيين السوريين من أهم القوانين الإجرائية التي ناضل لأجلها السوريون في سبيل معاقبة النظام ومجرمي الحرب وداعميهم، ورادعاً للدول التي تحاول إعادة العلاقات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية مع النظام في دمشق خوفاً من العقوبات الأميركية لمدة عشر سنوات بدءاً من العام 2020. وليست المسألة في تبني موقف، ولا إفراطا ً في تفاؤل، ولا تعدو سوى مقاربةً ومفتاحاً صغيراً لأنفاق سياسية متشعبة. 

 

   محمد الحموي كيلاني 

 كاتب وإعلامي سوري

 
Whatsapp