قانون قيصر "سيزر" بين جدية التنفيذ والمصالح الأمريكية


 

 

تم إقرار مشروع "قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين لعام 2016"، لتكون فترة صلاحيته تمتد لخمس سنوات، حيث ورد في مستهل ديباجة "مشروع قانون قيصر":

النص: مشروع قانون؛ لوقف قتل الشعب السوري بالجملة، وتشجيع التوصل لتسوية سلمية عبر التفاوض، ومحاسبة منتهكي حقوق الإنسان السوري على جرائمهم، المطلوب من مجلس الشيوخ ومجلس النواب في الكونغرس الاتحادي للولايات المتحدة الأمريكية. حيث يكون هذا المشروع "مشروع قانون قيصر" من أربعة أقسام رئيسية، ولكل قسم منهم عناوينه الفرعية، ولكل فرع منها نصوص المواد القانونية الصادرة بغرض المصادقة والنفاذ، والتي نأتي على سردها تباعاً: القسم الأول: الذي اختص بـ العناوين القصيرة وجدول المحتويات. القسم الثاني: الذي اختص بـ النتائج التي توصل إليها الكونغرس من واقع جمع البيانات والاستدلالات الدافعة لهذا المشروع "قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين لعام 2016". القسم الثالث: الذي اختص بـ رأي الكونغرس، حيث أقر فيه الكونغرس بإدراكه للأفعال الإجرامية التي تمت ضد الشعب السوري من قتل وتدمير وتهجير، وأن الإجراءات الدولية لم تكن كافية لردع مثل هذه الأفعال. القسم الرابع: والذي اختص بـ بيان السياسة، والذي تألف من خمسة عناوين فرعية: العنوان الأول: الإجراءات الإضافية المتصلة بالطوارئ الوطنية والمتعلقة بسوريا. العنوان الثاني: تعديلات على قانون المحاسبة على انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا لعام 2012. العنوان الثالث: التقارير والتنازلات حول الأنشطة الإنسانية المتعلقة بسوريا. العنوان الرابع: تعليق العقوبات فيما يتعلق بسوريا. العنوان الخامس: السلطة التنظيمية وانتهاء سريان القانون.

بهذا، فإن مفاد هذا القانون، من شأنه أن يفرض عقوبات على الأجانب العاملين كـ المتعاقدين العسكريين أو كل من في حكمهم كـ الذين يقاتلون لصالح أو نيابةً عن النظام مثل روسيا وإيران على الأرضي السورية، إلا أن ما ورد في مواد النصوص الواردة في العنوان الرابع، من القسم الرابع، لمشروع قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين لعام 2016، يُثير بعضاً من التساؤلات، ومنها:

ماذا لو أُخضع هذا القانون لمزاجية مصالح الولايات المتحدة الأمريكية ...؟

هل فعلاً ما نراه اليوم يدل على جدية الولايات المتحدة الأمريكية في تفعيل هذا القانون لصالح حماية المدنيين السوريين ...؟ أم أنه أنشئ هذا القانون ليُتخذ كـ وسيلة ضغط عند الحاجة لتحقيق المصالح الأمريكية في المنطقة ...؟ أم هو وجد فقط لإتمام ما نقص في "مشروع قانون السياسة الخاصة بالشرق الأوسط" ...؟ هل استفاد المدنيين السوريين حقاً من تفعيل هذا القانون من إيقاف القتل والتدمير والتهجير ...؟

أم هو قانون يحمل في طياته ابتزازاً للأطراف المنخرطة في الشأن السوري كـ روسيا وإيران وتركيا والخليج العربي ...؟ أم هي رسالة للعالم مفادها؛ أن القرار النهائي فيما يخص منطقة الشرق الأوسط سيبقى بيد الولايات المتحدة الأمريكية، أنها وحدها من يقرر شكل ونوع التسوية ...؟

ليس بالإمكان تعليق آمال كبيرة على أن يكون لهذا القانون فاعلية ونتائج عملية حماية المدنيين السوريين؛ لأن السياسة والمصالح أقوى من القانون وحقوق الإنسان والقيم الأخلاقية، وخاصةً في العرف الدولي الحديث بما يتناسب وسياسة الفواعل الدولية الكبرى، بل من المرجح أن صدور مثل هذا القانون، لا لكي يُعاقب ويردع من أجل المدنيين، وإنما ليحمي سمعة الولايات المتحدة الأمريكية كـ دولة راعية لحقوق الإنسان والقانون الدولي، و بهذا لن يكون تنفيذه جدياً، وخاصةً أن عمره اليوم في عامه الرابع ولم يتبق عن موعد نهاية نفاده إلا عام واحد، ولازال المدنيين السوريين يعانون الأمرين من "القتل والتدمير والتهجير"، ليكون محل رهن بأهواء اللعبة السياسية العامة للمجتمع الدولي، وارتباطها بالتقلبات التي تطرأ عليه.

 

 

د. خالد عبد القادر منصور التومي

أكاديمي ليبي

 
Whatsapp