أقرت الإدارة الأميركية "قانون حماية المدنيين" أو ما يعرف بقانون "سيزر" والذي ينص على فرض عقوبات على الحكومة السورية والدول التي تدعمها كإيران وروسيا لمدة 10 سنوات أخرى للتأكيد على عزم "المجتمع الدولي" على لعب دور مهم في الشرق الأوسط - بحسب مجلس النواب الأميركي.!
كان من المفترض أن تنتهي صلاحية القانون في أواخر كانون الثاني المقبل، إلا أن "الكونغرس" وافق على تمديده 10 سنوات إضافية، وبموجب القانون يمكن للرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن يلغي العقوبات على أساس كل حالة على حدة، كما يمكن تعليق العقوبات إذا جرت مفاوضات لإيقاف العنف ضد المدنيين (بعد كل هذا القتل والدمار).!!
المتابع لسياسة الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة يدرك أنها وبالرغم من كافة الإثباتات والوثائق والدلائل الدامغة والمؤكدة على إجرام نظام الأسد إلا أنها خلال تلك السنوات كانت تماطل وتسوّف في تنفيذ تهديداتها ضد النظام وعلى عكس ما تصرفت حين غزت العراق بحجة تقارير "أسلحة الدمار الشامل" حينها، والتي أثبت الأمريكان لاحقاً بأنها كانت تقارير مضللة وواهية، وقد أكدت الأيام بأن الولايات المتحدة هي من سهلت تدمير العراق وحلّ الجيش العراقي وتمكين الميليشيات الطائفية من السيطرة على مقدرات العراق وتصفية العشرات من علماء العراق ومفكريه وشخصياته الوطنية، إذاً فأميركا حين تنوي تغيير نظام من الأنظمة لن تنتظر تقارير وإثباتات وبراهين، والعكس صحيح فهي لن تسمح بتغيير نظام من الأنظمة الوظيفية العميلة حتى لو أثبت العالم أجمع إجرام هذا النظام وانتهاكاته لحقوق الإنسان .
وهذا القانون والذي حولته الولايات المتحدة الأميركية إلى أرنب في قبعة ساحر، فتارة تظهره وطوراً تخفيه، ما هو إلا حلقة كذبٍ في سلسلة التضليل والخداع الذي مارسته وتمارسه أميركا لتخدير الشعب السوري في كل مرةٍ يُحشر فيها النظام إلى زاوية حادة ضيّقة، ثم ما تلبث أميركا أن تعيد إخفاءه مع قبعته في أدراج البيت الأبيض بعد أن تركِّب لنظام دمشق في كل مرة "أجهزة الإنعاش" ويتجاوز الأزمة.!!
لا ريب أن هذا القانون سوف يعمل على توفير المزيد من النفوذ لتحقيق الأهداف غير المعلنة لحكومة الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، لكن المؤكد والثابت أنه وبشكله الحالي لن يساعد على تهدئة الصراع في سوريا أو على دعم عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة بخجل وتردد، والانتقال إلى حكومة في سورية تحترم إرادة الشعب السوري
فهل تنجح الولايات المتحدة الأمريكية بتحقيق "مساعيها المعلنة"؟
وهل تنسجم الرؤية الأمريكية للحل النهائي مع رغبات وتطلعات الثائرين في سورية؟
أزعم أن الجواب المؤكد هو لا، إذ لا يمكن أن يُرتجى من الحنظل السكر!!
وحقيقة التعامل الأميركي غير المتوازن مع الثورة السورية بعد أكثر من ثمان سنوات على اندلاعها خير بيان، وأظهر برهان.
محمد علي صابوني
كاتب سوري