قانون سيزر والعقوبات الأميركية على النظام السوري


 

 

يُعرف قانون سيزار بقانون حماية المدنيين والذي ينص على فرض عقوبات على الحكومة السورية التي تدعمها إيران وروسيا لمدة ما يقارب عشر سنوات. لا يقتصر قانون سيزر على حماية المدنيين السوريين من الإرهاب السوري المنظم تجاه الآمنين من السكان الذين يقطنون داخل الأحياء السورية، بل تعداه إلى فرض عقوبات جديدة على حلفاء سورية في مجالات الطاقة والأعمال والنقل الجوي، وعلى أي شخص له صلة مباشرة بالنظام السوري، سواء من ناحية سياسية أو مالية، بما في ذلك الاستخبارات والأمن والمصرف المركزي السوري. 

وفقاً للقانون فإن الرئيس الأميركي ملزم بفرض عقوباتٍ ضد أيّ دولة، أو أي شخصية تقدم الدعم للنظام السوري سواء فيما يتعلق في مجال الدفاع، أو معلومات ذات طابع عسكري، أو الذين يتعاملون مع البنك المركزي السوري. إلى جانب ذلك فقد شمل القرار مسؤولين سوريين في الأمن السياسي وقادة عسكريين في سلاح الجو والاستخبارات العسكرية. 

استحداث قانون سيزر ينسب إلى مصور عسكري سوري انشق عن النظام السوري عام 2014، والذي تحدث عن صور التعذيب في السجون السورية، وعرض تلك الصور في مجلس الشيوخ الأمريكي. 

السؤال المطروح ماهي الأهداف التي تسعى وراءها الإدارة الأمريكية إلى فرض قانون سيزر على النظام السوري، والسؤال البديهي المطروح هل أمريكا عاجزة عن تحجيم أو إنهاء النظام السوري بشكل تام، في ظل وجود قوة دولية تقع بكامل أمرتها تحت هيمنتها وسيطرتها. 

يعد القانون ورقة ضغط سياسية ضد روسيا كون الأخيرة تسعى لتحقيق محمية عسكرية روسية داخل سورية، وفقاً للعديد من الخبراء القانونين في الولايات المتحدة الأمريكية فإن قانون قيصر يفوق في قوته القانونية قانون (ماغنسكي) الذي أقر في عهد أوباما ضد روسيا بعشرات المرات من حيث الدول الأجنبية ضد رعاياها، ويدعون إلى محاسبتها، ويحظر أي تواصل أو تعامل معها. 

فضلاً عن البعد السياسي تريد الولايات المتحدة الأمريكية وقف القتل بحق السوريين، لكن السؤال المطروح لماذا صمتت الولايات المتحدة طوال الفترة الماضية عن الجرائم التي ارتكبها النظام السوري بحق السوريين أنفسهم دون أن تبدي أي موقف إنساني أو أخلاقي تجاه السوريين؟؟ بل التزمت التصريحات والوعود الكاذبة التي أطلقتها ما بين الفينة والأخرى والتي هي عبارة عن تطمينات تطيلُ بقاء أمد النظام السوري، بل تسعى إلى تقسيم سورية إلى كيانات منفصلة يعتش كل كيان على ما رزق منه.

إلى جانب البعد الانساني الذي تتبناه الولايات المتحدة الأمريكية في قانونها من وقف للقتل بحق السوريين فهي تريد أن تسمح بعودة السوريين إلى بلادهم، والسؤال المطروح لماذا تريد الولايات المتحدة الأمريكية عودة السوريين إلى بلادهم بعد مدة قاربت أكثر من 8 سنوات اتصفت خلالها بالفترة الأكثر وحشية لدى النظام السوري؟ أين الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان الضاغطة لوقف الانتهاكات السورية بحق المدنيين والأطفال والنساء؟  لماذا لم تحرك الولايات المتحدة الأمريكية أي ساكن بل التزمت الأقوال الفارغة فقط، فهي متعمدة في إضاعة الوقت من أجل تحقيق مكاسبها وأهدافها في المنطقة من خلال سن قوانين تعتقد أنها أكثر قوةً وحسماً في تنفيذ مخططاتها في المنطقة.

تعتزم الولايات المتحدة الأمريكية الضغط بقوة على النظام السوري وتحجيمه قدر المستطاع من خلال تجفيف أي منبع قادم له، مما يؤدي إلى خلق حالة من الاستياء من قبل الشعب خاصة فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي، مع تزايد انخفاض قيمة العملة السورية منذ بداية الثورة السورية وحتى الآن.

أستطيع القول إن مثل تلك القوانين لن تسهم في كبح جماح الإجرام الأسدي السوري بحق السوريين بل تزيد من شرعية النظام السوري وتزيد من قدرته على التمادي في فرض قوته وسيطرته داخل المدن السورية، بل تعمل بشكل أو بآخر على البحث عن وسائل شرعية وقانونية لحل مشاكلها، وأن ما يهم الإدارة الأميركية في نهاية المطاف هو الحد من النفوذ الإيراني والروسي، إلى جانب تقاسم الكعكة مع مثيلاتها من دول الجوار الأخرى.

 

 

د. معاذ عليوي

أكاديمي فلسطيني

 
Whatsapp