" فئران الوحدة تأكل أذنيّ "


 

لم أكتب شيئاً منذ مدة طويلة   

أي أنني لم أخبركم إلى الآن عن اليمامة التي اختارت نافذتي منصة تلقي من عليها قصائد صباحية وفَضَلات 

لم أخبركم عن شتاءنا المتأخر وكم غيمة استدان منه الخريف لكي يظل هائماً على وجوه الأشجار 

لم أخبركم عن الوحدة

كانت معلمتنا في الصف الثاني تُخيفنا بأنها ستُنزل المشاغب منا في "جب الفأر" لتأكل الفئران أذُنيه 

الآن أكلت فئران الوحدة أذنيّ دون أن تنزلني المعلمة في الجب.

لم أخبركم عن أمي التي بدأت تعاني من آلام في مفاصلها بعد أن سحبت حبالاً بطول أحلامكم من بئر جيراننا لتسقينا.. 

نحن شتلاتها اليابسة 

لم أخبركم عن الخوف. يلبس ثيابي ويأكل طعامي ويستلقي في فراشي المثقوب في بحر الأرق 

لم أخبركم عن أصحابي الذين صعدوا إلى السماء بخطوات سريعة وتركوني في هذه الجهة البائسة من الكون 

"بحجة أنني لم أتقن الركض إلى أعلى"

 

لم أخبركم عني. تركت عملي وعدت أصنع القلق وأطلقه على رؤوس الجيران والأقارب

لم أخبركم عني مجدداً 

أكتب هنا لأحصل على أكبر قدرٍ من الوجوه الصفراء الباكية.. أجمعها لتبكي بدلاً عن الأمهات في حروبنا القادمة.

 

 

حسين الضاهر

شاعر وكاتب سوري

 
Whatsapp