مطعم القلب في فرنسا


كيف يمكن لفكرة أن تنجح وتتحول إلى أكثر من ألفي مركز إغاثي يعتمد عليها أكثر من مليون محتاج في أنحاء فرنسا، يوم 26 نوفمبر من عام     2019 وبعد 35 سنة من تأسيسه، يطلق مطعم القلب حملته الشتوية، وتستنفر مراكزه ومتطوعيه لتأمين مواد غذائية لكل من يحتاجها، ولكل من موارده المالية محدودة، وذلك عبر مدن وقرى فرنسا.

ألفي مركز حول فرنسا، مع أكثر من مئة ألف متطوع ومتطوعة، لتقديم خدماتهم لأكثر من مليون مستفيد من هذه المراكز.

مطعم القلب هو عبارة عن جمعية تطوعية تمّ تأسيسها في عام 1985 من جانب كوميدي فرنسي اسمه "كولوش"، والذي توفي بعد أشهر من تأسيس أول مطعم (خيمة) في باريس في حادث دراجة نارية.

(كولوش) هو ابن مهاجر إيطالي، كوميدي ساخر، كان يهاجم، وعبر سكتشات فنية/ساخرة، تابوهات سياسية واجتماعية كانت سائدة في المجتمع الفرنسي، وكان كولوش ناقداً حاداً وساخراً من السياسيين، وصار له جمهور كبير ومتابعين لأفكاره وطروحاته الناقدة في فرنسا، وحاول ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية عام 1981، لكنه انسحب نتيجة تهديدات وضغوطات تلقاها كما يقال.

فكرة إنشاء مطعم القلب والمخصص لتقديم مواد غذائية مجاناً لمن يحتاجها في فرنسا، أتت ضمن سياق تحقيق صورة من صور العدالة الاجتماعية، وبفضل جمهوره الكبير وداعم لفكرته، افتتح كولوش وبالتعاون مع الكثير من أصدقائه في 21 ديسمبر 1985 أول مطعم في باريس، وكان عبارة عن خيمة موجودة في أرض كبيرة.

تساعد مراكز القلب الفقراء على مدار السنة، من خلال حملة شتوية من نوفمبر إلى مارس، وحملة صيفية من أبريل إلى أكتوبر، تتضمن المساعدات (وجبات متوازنة لطهي الطعام في المنزل - وجبات ساخنة للمشردين - مساعدات واحتياجات الأطفال في مراكز قلب الطفل - توزيع منتجات النظافة - إعانات في مجال السكن)، وتشمل المساعدة المادية المناسبة (الملابس، منتجات العناية بالأطفال والنظافة، ألعاب الأطفال، المشورة وعلم التغذية للأطفال، مساحة للتقاسم وتبادل الخبرات مع الآباء الآخرين والمتطوعين الممرضات، القابلات، أطباء الأطفال، والأخصائيين الاجتماعيين).

الأشخاص الذين يتلقون هذه المنح هم أشخاص محتاجين ويعانون من أوضاع محفوفة بالمخاطر، ويتم جمع الملفات الشخصية، سواء كانوا منفردين أو أسر وحيدة الوالد، والعاطلين عن العمل البطالة، مع تقديم المساعدات الخاصة لكبار السن.

مساعدة وتقديم المساعدة الطوعية للفقراء، لا سيما في قطاع الأغذية من خلال الحصول على وجبات مجانية، والمشاركة في اندماجهم الاجتماعي والاقتصادي، وكذلك جميع الإجراءات لمكافحة الفقر بكل أشكاله، أفعالهم المختلفة هي: المساعدات الغذائية، والسكن، والمساهمة في إيجاد عمل لهم.

تنتشر 119 جمعية على مستوى 96 دائرة، وهي مستقلة قانونًا وتعمل وفقًا لمبدأ الجمعية الوطنية (الجمعيات العامة ومجالس الإدارة والمكاتب)، وتقوم جمعيات الإدارات في جميع أنحاء فرنسا بإدارة وتحريك وتنسيق الإجراءات في جميع المجالات، وهي تهدف إلى تنفيذ جميع أنشطة المعونة الغذائية، والمساعدة في الإسكان، والمساعدة في الاندماج من خلال الأنشطة الثقافية. 

كل أنشطة الدعم هذه تساعد الناس على أن يكونوا أشخاصًا طبيعيين، يتضمن اسم "مساعدة الشخص والاندماج" اليوم أنواعًا مختلفة من الأنشطة من بينها:

ورش العمل في الساحات والحدائق مع توزيع شاحنات تحمل الطعام الساخن في المدن الكبيرة. 

على الرغم من أن المساعدات الغذائية لا تزال النشاط الأكثر وضوحًا للمطاعم، إلا أنها لا تسمح لها بمغادرة استبعاد المدى الطويل، من الآن فصاعدًا تعتبر مساعدة التكامل في المطاعم أولوية.

الجهات المانحة للجمعية:

تبرعات مادية من الشباب إلى المتقاعدين، من الحرفيين إلى الشركات متعددة الجنسيات، من الأمهات إلى النجوم؛ الذين يسهمون بدعمهم استمرار عمل الجمعية، كل بطريقته الخاصة؛ أولئك يقدمون خدماتهم بسخاء (قرض أماكن العمل والنقل والطباعة  وما إلى ذلك) أو يشاركون في مختلف الأحداث المصرح بها ؛ أولئك الذين يقدمون المال، عن طريق توريث ممتلكاتهم أو التخلي عن حقوق النشر الخاصة بهم للجمعية؛ وأولئك الذين يتبرعون عينيًا (الكتب، الملابس، المواد الغذائية، منتجات النظافة، إلخ)؛ المنح المقدمة من الاتحاد الأوروبي والهيئات الأخرى؛ وتخضع الأموال الممنوحة للجمعية لقوانين صارمة.

تقدم الجمعيات الإنسانية خدمات غير سوقية وبالتالي تواجه صعوبات في إيجاد موارد مالية لتمويل أعمالها، للترويج لعملها للجمهور والسماح لها بمناشدة التبرع بطرق علنية، ليتيح التزام دائم بالتبرعات للمنظمة، بصفتها جمعية ملتزمة بلجنة الميثاق الفرنسية.

وقد سبق للبرلمان الفرنسي أن دعم الجمعية من خلال التصوّيت بالإجماع على " قانون كولوش ": "كل شخص قدم تبرعًا، حتى متواضعًا، إلى جمعية ما، يستفيد من تخفيض الضرائب". 

وقد تمًّ تجاوز 2 مليار وجبة تم تقديمها عبر المراكز، منذ افتتاح "مطاعم القلب"، رافقها تشجيع المستفيدين في جهود إعادة الإدماج، وشاحنات القلب، التي تقدم كل مساء وجبات ساخنة للمشردين في شوارع باريس يرافقها لقاءات ثقافية وعروض فنية مصاحبة لعملها الإغاثي.

أخيراً:

تم الاهتمام من قبل الجمعية باللاجئين المسلمين والعرب، من خلال إفساح المجال لمن يريد منهم العمل كمتطوع في المراكز، مع إحصاء دقيق وإيجاد عناية خاصة بهم من خلال وضع لصاقات (حلال) على المواد الغذائية التي توزع بشكل خاص لهم، السلة الغذائية المتوازنة تكفي احتياجات العائلة الضرورية أسبوعياً. 

كما تهتم الجمعية بإقامة دورات لغة فرنسية لتسهيل الاندماج، وتوفر مترجمين متطوعين مستعدين لتقديم كل أنواع الخدمات التي يحتاجاها اللاجئ.

 
Whatsapp