مع تصاعد التحركات الشعبية في كل من العراق ولبنان وكذلك تفاقم الأوضاع الداخلية في إيران وانحدارها باتجاه الأسوأ، في ظل هذه التطورات وانعكاساتها على مآلات الوضع السوري اقتصادياً بشكل رئيسي وسياسياً واجتماعياً كمحصلة لتطورات الأحداث في دول الجوار السوري تزداد ضمن الأوساط السورية دفعات من الأمل المتجدد لنهاية استبداد السلطات القائمة التي حكمت بالحديد والنار ما يقرب من نصف قرن وزوال زمن الطائفية التي مورست على الشعب السوري وتبلورت بشكل واضح خلال تلك الفترة.
لو قرأنا خارطة الواقع فإن ما يحصل في لبنان والعراق والأحواز وحتى في سورية إنما ينذر ببدء السقوط الإيراني من خلال قطع الأذرع الطولى ومن ثم انهيار ايران قلعة الرمل، ومع كل هذا ربما لا توجد مؤشرات حقيقية لاتخاذ خطوات عملية تسرع بفرض حل سياسي عادل للوضع السوري بسبب انشغال الدول النافذة في سياستها الداخلية، ومن بينها الولايات المتحدة الأميركية التي يسعى رئيسها ترامب بالرغم من موافقته على قانون قيصر لاعتبار الموضوع السوري كموضوع تجاري بالنسبة، ومن جهة أخرى التهاون واللا مبالاة في فرض حلول تنصف الشعب السوري الثائر مع التذكير أن أميركا والغرب و العالم كله يعرف ممارسات النظام في سورية وكذلك المطالب المحقة للشعب السوري الذي مورست بحقه جرائم حقيقية وسياسة التهجير الممنهجة لإفراغ سورية من الأغلبية السنية، ولدى كل الأطراف المذكورة حقائق وأدلة ضد أفعال هذا النظام انطلاقاً من استخدام السلاح الكيميائي ضد شعبه وصولاً للقتل والتصفية الطائفية والاعتقال والاغتصاب والممارسات اللا أخلاقية والتي تصل لمصاف الإبادة الجماعية بحق المعتقلين الموثقة من مصور مسالخ الأمن السورية حيث صدر القرار باسمه(قيصر) .
تدخلت كل من روسيا وإيران لوضع معادلة الحل إنما هو الحل الجزئي الذي تراه، وليس حلًا شاملاً طالما أن هذه الدول لديها خلافات وعثرات مع الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا وغرفة العمليات السرية المتمثلة بالكيان الصهيوني.
عندما انتفض الشعب السوري وقام بثورته العظيمة لم يكن يضع في حسبانه أي من هذه التوازنات الدولية او التحركات الإقليمية والذي زاد في ارتباك الشعب السوري المنتفض هو طريقة تعاطي النظام السوري مع تلك الثورة ولجوئه إلى قوى خارجية تسانده ضد أبناء جلدته فارتمى في أحضان إيران لتدعمه بالمال والسلاح والمقاتلين المرتزقة الذين مارسوا كل أشكال الطائفية بالتعاون مع مليشيات شُكِّلَت من الداخل السوري تنتهج نفس منهج التقية الإيرانية للحصول على الثأر التاريخي المزعوم لآل البيت بالتعاون مع مليشيا حزب الله.
وعليه ومن خلال النهج والسياسة العامة التي تقوم بها إيران من خلال تأجيج الطائفية والانقياد بشكل كامل لولاية الفقيه في لبنان والعراق وكذلك اليمن هو مؤشر إيجابي وتجربة حية يمكن للسوريين استثمارها لإبعاد وافشال المشاريع الإيرانية في سورية خاصة أن الوضع السوري مختلف عن الوضع في لبنان والعراق فالغالبية العظمى من السوريين لا يؤيدون نظام الملالي وولاية الفقيه مذهبياً و كذلك في العراق فالمرجعية الدينية للشيعة العرب تختلف كلياً عن نهج ولاية الفقيه، وهذا ما أكدته الأحداث الأخيرة في العراق، أما في لبنان فإن ذراعها يتمثل بحزب الله، وهو فقط من يدعم ويؤمن بسياسة إيران في لبنان والمنطقة مع العلم بأن تحالف بعض القيادات السنية في سورية مع إيران هو مرحلي ووظيفي يصب في مصالح هؤلاء .
وعليه فإن عزيمة السوريين وصبرهم وتفانيهم تجاه قضيتهم العادلة في سورية حرة وديمقراطية ومدنية خارج أي معادل ولا يمكن قياسه فصبر السوريين خلال كل هذه السنوات والإصرار على مطالبهم وقف في وجه دول عظمى وأربك دول أخرى لذا ما تزال سورية في فوهة البركان الذي قد يثور في أي لحظة ويقلب موازين الأمور لصراع دولي وإقليمي حقيقي يؤدي لحرب شاملة أو أن سورية نفسها ستتحول وتصبح في أتون سيصهر الجميع ويجعلهم يرضخون لمطالب شعبها الحقيقي صاحب الأرض حتى تحقيق النصر المؤزر لثورة الشعب السوري بإذن الله.
غزوان بكار
كاتب سوري