القضية الفلسطينية بين مطرقة الانقسام وشرعية الاستيطان


 

 

يبدو أن تآكل شرعية القضية الفلسطينية جاء عقب الانقسام الفلسطيني الذي حدث عام 2007 م والتي على أثرها تراجع الدور الفلسطيني الداخلي ومعه الدور العربي في الحفاظ على قدسية القضية الفلسطينية ليتم استغلالها من قبل بعض الأطراف والقوى الداخلية والخارجية في تمزيقها وتشتيتها، وهذا ما كان واضحاً من قبل الممارسات والانتهاكات التي تمارسها الصهيونية الاسرائيلية بحق القضية الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

الانقسام الفلسطيني:

قبل الحديث عن الانقسام الفلسطيني لابد من الحديث عن تزايد وتيرة شرعية الاستيطان في الضفة الغربية مقارنة بعام 1996 والذي تضاعف بفعل غياب الجهود الفلسطينية الموحدة والتي من شأنها أن تلجم الكيان الاسرائيلي في إستيلائه المستمر على الأراضي الفلسطينية من خلال بروز قوة فعلية فلسطينية سواء على المستوى الرسمي أو الحزبي.

إن غياب الدور الرسمي والشعبي الفلسطيني زاد من وتيرة الاستيطان داخل الاراضي الفلسطينية وهذا ما أظهرته العديد من التقارير الفلسطينية والدولية عن تزايد محموم للاستيطان الاسرائيلي، حيث شملت التقارير الدولية بناء ما يقارب 5800 وحدة سكنية في مراحل مختلفة من إجراءات التخطيط والتنفيذ في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، علاوة على ذلك عن تزايد وتيرة الاستيطان في القدس الشرقية من خلال بناء 1.153 وحدة سكنية في المستوطنات الواقعة في القدس الشرقية.

كان من أبرز الأسباب التي أدت إلى تزايد شرعية الاستيطان هو غياب الرؤية الفلسطينية الموحدة واختلاف البرنامج السياسي الفلسطيني، وعدم الاتفاق على خطة وطنية فلسطينية لحماية الأرض الفلسطينية وهذا ما أعطى ذريعة مباشرة للكيان الصهيوني بالاستفراد وتزايد هيمنته على الأرض الفلسطينة من خلال حملات السيطرة والهيمنة والعربدة التي تمارسها دون وجود أدنى درجات المقاومة من قبل أي طرف من الأطراف الفلسطينية.

إلى جانب إنعدام الرؤية الفلسطينية الموحدة في الدفاع عن الأرض، غياب البرامج الوطنية الفلسطينية التأصيلية الداعية لحماية كيانها والدعوة بدلًا من ذلك من خلال مبادرات فردية، أو منظمات دولية يكون مداها قصير الأجل، ولا ينطوي عليه أي تأثير على المدى البعيد.

إن الانشعال بالانقسام الفلسطيني وحالة الإلهاء المستمرة على مدار أكثر من 13 عاماً أعطت ذريعة للكيان الصهيوني بدعم غربي خالص زيادة شرعيته وهيمنته، وبناء أكبر عدد ممكن من البؤر الاستيطانية داخل الأراضي الفلسطينية لتصبح الأرض الفلسطينية معسكراً وثكنة عسكرية في كل مناطق الضفة الغربية، بل أصبحت سجناً محاطاً بجنود عسكريين يستبيحون الأرض ويدنسونها مدججين بالسلاح والأدوات العسكرية مقتنعين بأنها ملكاً لهم ولأهلهم.

النتائج: 

وهنا أضع الآليات الفعلية لحماية الأرض الفلسطينية من وطأة الهيمنة على الأرض الفلسطينية لعل أهمها: 

أولاً: الوحدة الفلسطينية من خلال الأخذ بعين الاعتبار تغليب المصلحة العليا على حساب المصلحة الشخصية، وأن استمرار الانقسام الفلسطيني يقود بشكل أو بآخر إلى الهيمنة والسيطرة المباشرة والاستفراد بالأرض الفلسطينية، بل يجعلها مطمعاً لهم لإقامة مستعمراتهم وثكناتهم العسكرية دون أي رادع يردعهم.

ثانياً: الاتفاق على برنامج فلسطيني موحد شامل وجامع يكفل الحق الفلسطيني بالعيش فوق أرضه ووطنه، حيث الإجراءات الإسرائيلية لم تقتصر على الأرض فقط بل شملت المياه، وطرد الفلسطينيين عنوة من أراضيهم ليقيموا بالعراء بهدف شرعنة مستوطناتهم فوق الأرض الفلسطينية.

ثالثاً: تحقيق الوحدة الفلسطينية يجعل الوفد الفلسطيني قادراً على الدفاع عن حقوقه من خلال تشكيل لجان وطنية والذهاب إلى إصدار مذكرات دولية بحق الكيان الاسرائيلي في لجمه، وإيقاف مشاريعه اللامتناهية في السيطرة المباشرة على الجغرافيا الفلسطينية بشكل سافر.

رابعاً: عندما يمتلك الفلسطيني برنامجاً وطنيا ً موحداً بدعم عربي سيكون قادراً على إضعاف أيّ مخطط للكيان الإسرائيلي، وهذا يجعل الفلسطيني أكثر تمكيناً على أرضه ووطنه، وتقليل حالات التفكير بالهجرة خارج الوطن، مما يجعله متشبثاً بأرضه ووطنه ومقدساته على طول المدى.

 

 

د. معاذ عليوي

أكاديمي فلسطيني

 

Whatsapp