شهدت المناطق السورية منذ اندلاع الثورة السورية جرائم عنف منظمة من قبل النظام السوري المجرم وحلفائه الذين سعوا إلى فرض المزيد من الاضطهاد والعنف ضد السوريين تحت غطاء محاربة الإرهاب، تكون نتيجتها زعزعة الاستقرار، وتهجير الملايين من السوريين من بلادهم إلى بلدان أخرى، ليلقوا حتفهم سواء من خلال القتل أو التشريد أو الاعتقال وإلقائهم مرة أخرى خارج حدود البلاد التي أتوا منها.
إذ لم تقتصر عملية التهجير القسري المنظم التي مارسها النظام عنوةً بحق أهلنا في سورية وخصوصاً في إدلب على القتل والتهجير وهدم البيوت فوق ساكنيها، بل تعدى ذلك إلى الاغتصاب داخل أقبية ومعتقلات النظام السوري في أزمة أخلاقية يتجاهلها النظام السوري عن سبق إصرار، وفي ظل صمت دولي وحقوقي وإنساني يتجاهل أبسط الحقوق الإنسانية لتخرج تلك الحرائر من تلك الأقبية في حالة من التردي النفسي بسبب المعاملة اللاأخلاقية التي تلقوها من النظام السوري ومن يسانده من المليشيات سواء من داخل سورية أو ممن يأتون من الخارج.
التوحش ضد أهلنا في سورية خصوصاَ في إدلب الخضراء لم يكن عملاً سورياً بحتاً بل كان في غالبيته وفي ثناياه دعم غربي وإيراني توفره المليشيات الروسية بدعم جوي وبشري تحت غطاء محاربة الإرهاب وفي ظل صمت أممي ودولي مريب للغاية وحسب التقارير الصادرة عن شبكة حقوق الانسان السورية فإن هناك جهداً مشتركاً وعملاً دؤوباً من كلا الطرفين تكون النتيجة حصد آلاف الشهداء من الأطفال والنساء جراء إلقاء البراميل المتفجرة من الطائرات الروسية باتجاه المواطنين العزلّ متبجحين بوجود الإرهاب (الداعشي) وغيره.
الموقف الدولي...وقرارته الهزيلة
نتيجة الأعمال اللاأخلاقية واللاإنسانية التي يمارسها النظام السوري وحلفائه داخل سورية فإن القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي كانت في غالبيتها مجرد شجب وتنديد دون إصدار أي قرار جديّ يلزم أي طرف من الأطراف المقاتلة داخل الأراضي السورية بوقف جرائمها وأعمالها اللاأخلاقية واللاإنسانية فكانت النتيجة تفاقم الأوضاع الانسانية داخل سورية، وعجز جميع الأطراف عن إيجاد حلول جديةّ توقف شلال الدماء داخل السورية، وعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم بعيداً عن حالة التشتت التي يعانونها يومياً بفعل الوعود المتكررة والهزيلة والتي لا تنم عن توفر نية حقيقية من قبل النظام الدولي بوقف الحرب.
التوحش الروسي والإبادة الجماعية وجهان لعملة واحدة:
إن الجرائم التي ارتكبتها روسيا في سورية لا تختلف في ثناياها عن الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية عامي 1947 و1948 من خلال الإبادة الجماعية التي نفذتها العصابات الصهيونية لاسيما (شتيرن والارغون) بحق الفلسطينيين لاسيما مجازر دير ياسين وكفر قاسم ولا ننسى مجزرة جنين والحروب التي نفذتها إسرائيل بحق الفلسطينيين في القرن الماضي مروراً بالقرن الحالي، والتي تطلق على نفسها واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط، وكأن الاحتلالات واحدة ووجه الاستعمار لا يختلف كثيراً وإن تباعدت الأزمنة والأمكنة، فأهدافهم واحدة ألا وهي القضاء على أي عنصر عربي يمتلك الكرامة والشجاعة في الدفاع عن وطنه، ونهب ثرواته وممتلكاته تحت شعار تحريره من الإرهاب وفرض سيادة ومرحلة جديدة تتناسب مع تطلعاته وآماله في المنطقة حتى يكون قادراً على التحرك بحرية بعيداً عن أي حدود أو حواجز تمنعه أو تحد من حركته مستقبلاً.
ولعل تقليم وتحجيم الدور الروسي والصهيوني في المنطقة لن يتم إلا بالوحدة الوطنية والمحافظة على القيم والثوابت التي تدفع كلًا من الشعوب العربية وعلى رأسهم سورية وفلسطين بالتفكير ملياً بطرح وسائل وأساليب عملية لطرد الاحتلال من أراضيهم، لأن بقاء الاحتلال هو فرصة لمنحه شرعية جديدة وتمكينه من السلب والنهب والقتل والتدمير والاستفادة من كل الثروات التي يهيمن عليها تحت ذرائع توفير الحماية للدولة التي تقع تحت حكمه وضمن تبعيته.
د. معاذ عليوي
أكاديمي فلسطيني