بوح مدينة منسية


 

 

 

لفظت الساعة دقائقها الاخيرة لهذا اليوم وتلك السنة، ها هي سنة جديدة تقرع أبوابنا بصواريخ تدكّ حاراتنا، غارات أفلتت من أيد خبيثة عاث التوحش فيها سبيلا، بشكل موجع لا يطاق أنهوا سنة للقتل وبدأوا سنة للقتل جديدة.. حزن مدينتي يا سادة هادئ لا يصدر ضجيجا، رغم وخزات مؤلمة تصيب صدرها.

تصرخ إدلب:

"قلبي يتيم ... أمي الشرقية تخلت عني، أبي أسير، يتلاعبون بدمائي وهم اخوتي، كأنني دمية وربما حقل تجارب ﻷلعابهم التوحشية، وااا حسرتاه على الإنسانية، غدت بين ايدٍ من لهب سجينة عند من فاق في جحوده أبا لهب، سلاسل الظلم تخنق صدري وأنا، ما زلت، فتية!

بخار آلامي يتصاعد فيلامس طائرة حربية تنفث الموت لا ملوّنة ورقية!

جسدي..، جسدي بات هزيلا من نهش صاروخ وهاونٍ وارتجاجية.

أنيني!!؟ ألم تسمعوا أنيني يا أمة يقال إنها عربية؟!

أم إنكم ترونه ولكن تخليتم عن الهويّة وعن الإنسانية؟

بصيرتكم هل أعميتموها؟ أم إنها منذ البدء معميّة؟

سواد في سواد في سواد من حولي وفؤادي مدينة مزّقت، رأسي ميدان الصراع، الزمهرير أصاب أطرافي والنيران التهمت صدري، خرابا عاثوا فيّ، سفكا وقتلا ودكاً وفتكا.. كما لو أنني لم أكن يوماً، وكأنني قد أمسيت نسياً منسية. 

سكارى هم، بل أفاعٍ تنشب أنيابها في روحي، ويرونني فريسة شهية ..

لكنني لا أموت! أنا الفتيّة، جميلة فاتنة صامدة وبجبروتي قوية، أولادي في قلبي وقربي يهمسون: اصبري أماه هو النصر في عينيك، اصبري يا إدلبية. كم يداوون جراحي بحبّ، وفي ضوء عيونهم ألمح الإيمان والرضى والحميّة.. لن أموت أيها الجبناء، وسأبقى حيّة أبد الدهر.. لن تموت حرّة عربية إدلبية.

 

 

علا المصري

كاتبة سورية     

 
Whatsapp