صفقة القرن بين الحل والاستسلام


 

 

يشهد العالم العربي والإسلامي انتكاسة جديدة حول القضية الفلسطينية بعدما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم الثلاثاء 28 يناير/ كانون ثاني 2020 ما يسمى بصفقة القرن، ولكنها هذه المرة كانت غير مسبوقة، بسبب موافقة بعض الدول العربية على هذه الصفقة، وكان أول من أيد وتحدث عن الصفقة هو الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أثناء زيارته إلى الولايات المتحدة الأميركية، ويومها لم يعرف أحد ما طبيعة هذه الصفقة، وما الدور الذي ستلعبه كل دولة فيها. جاءت تسمية مصطلح صفقة القرن على الخطة التي وضعها الجنرال (جيورا أيلاند) مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، بعدها صدرت أولى الدراسات حول الصفقة والتي تتحدث عن محتوياتها صدرت عن معهد واشنطن لدراسة الشرق الأدنى عام 2008 بعنوان (إعادة التفكير في حل الدولتين) ثم صدرت الدراسة الثانية عن مركز بيجن للدراسات الاستراتيجية عام 2011 بعنوان بدائل إقليمية لحل الدولتين، أقرت الدراسة الثانية مع الأولى مع وجود بعض التعديلات في شرح التفاصيل والتركيز على الإغراءات المقدمة للدول المشاركة في الصفقة.

ويرى جيورا أيلاند (مستشار الأمن القومي الاسرائيلي) من خلال الدراستين فشل الحلول والمباحثات خلال 70 عام للقضية الفلسطينية القائمة على حل الدولتين واستحالة الوصول إلى تسوية الصراع وحل السلام بين الدولتين.

أما بخصوص القدس عاصمة فلسطين فيقول من غير الممكن أن تكون المدينة مقسمة إلى قسمين وأن اسرائيل لن تتخلى عن السيادة الكاملة للقدس والفلسطينيين لن يقبلوا بذلك وعن اللاجئين فلن يتخلوا عن حق العودة الى بلادهم ولا يمكن لإسرائيل أن تعترف بهذا الحق .

ويكون مضمون اتفاقية صفقة القرن:

-إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني مع توطين الفلسطينيين في وطن بديل خارج حدود فلسطين الجديدة مع إنهاء حق العودة.

- تقوم مصر بالتنازل لدولة فلسطين الجديدة عن 770 كم وفي نفس الوقت جميع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية ستنضم لإسرائيل مع عدم بناء مستوطنات جديدة.

- أما عن القدس فستكون عاصمة إسرائيل ولن تكون مقسمة بين الطرفين فبإمكان السلطة الفلسطينية الجديدة تسمية عاصمة جديدة لها ويمكن حتى تسميتها بالقدس.

- الوصول إلى المسجد الأقصى متاح لجميع الديانات ويبقى تحت الوصاية الأردنية. 

- نزع السلاح من حماس وأن تكون الدولة الفلسطينية الجديدة بلا جيش ومنزوعة السلاح بالمطلق. 

-اعتراف الطرفين بأن الدولة الاسرائيلية دولة الشعب اليهودي والدولة الفلسطينية دولة الشعب الفلسطيني مع التأكيد على ضرورة حق العودة للاجئين. 

- تكون لإسرائيل السيطرة الأمنية على جميع معابر الدولة الفلسطينية براً وبحراً وجواً.

- أن تصل الاستثمارات في دولة فلسطين إلى 50 مليار دولار ما يزيد من خلق فرص عمل جديدة للشعب الفلسطيني وازدهار الاقتصاد الفلسطيني.

تباينت ردود الأفعال من الحكومات العربية والأجنبية حول محتويات صفقة القرن فالبداية كانت من إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس رفضه لهذه الصفقة معتبراً أنها تخدم المصالح اسرائيل أكثر من فلسطين.

أما السعودية والإمارات ومصر فقد رحبوا بالصفقة واعتبروا أنها نقطة انطلاق جديدة للعودة للمفاوضات صمن إطار دولي وحثت الدول الثلاث على أهمية دور الولايات المتحدة الأميركية لإحلال عملية السلام في المنطقة وإعادة تسوية القضية الفلسطينية.

أما عن الأردن ولبنان الدول المعنية في توطين اللاجئين فحذرت الأردن من المراحل اللاحقة للصفقة مع فرض اسرائيل حقائق جديدة على الأرض أما لبنان فقد ادعى الرئيس ميشال عون أنه يؤكد على ضرورة حق العودة للفلسطينيين إلى بلادهم وإقامة دولتهم لتكون عاصمتها القدس لا سيما توطين اللاجئين وما يحمله من تبعات اقتصادية وديمغرافية على هذه الدول فالصفقة من أحد بنودها ينص على إلغاء حق العودة وعدم المطالبة بتعويضات مستقبلية.

الردود العالمية وكانت البداية مع تركيا حيث رفضت الصفقة بشكل نهائي وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن القدس ليست للبيع، وهي خط أحمر بالنسبة للأتراك وأما إيران اعتبرت هذه الصفقة فاشلة وقالت الخارجية الإيرانية في بيان لها أن خطة العار التي فرضها الأميركيون على الفلسطينيين هي خيانة العار ومحكومة بالفشل أما بريطانيا فأيدت الصفقة واعتبرتها بداية جديدة لعملية السلام في المنطقة، وألمانيا صرحت أن السبيل الوحيد لإحلال السلام هو حل يقبله الطرفين وأخيراً لو تمت هذه الصفقة بالفعل فنحن أمام تنازل كبير عن القضية الفلسطينية وليس إحلال للسلام.  وعن نهب ثروات المنطقة من جديد أمام أعين الجميع على غرار اتفاقية سايكس بيكو فمن المتوقع أن تفشل الضفقة لأن شعوب المنقطة الآن لا تشبه الشعوب التي عاشت قبل 100 عام عندما تم تمرير اتفاقية سايكس بيكو خصوصاً بعد ثورات الربيع العربي ووعي الشعب العربي للمؤامرات التي تحيطه ومع وجود لاعبين دوليين مثل تركيا ورفضها للاتفاقية. فهل ستشهد المنطقة العربية انتفاضة فلسطينية جديدة؟؟ وهل تتخلى حماس عن سلاحها مقابل الصفقة؟؟

وماذا عن حق العودة هل يمكن أن يتخلى الفلسطينيين عن بلادهم وتوطينهم في بلاد أخرى؟؟

والأيام القادمة قادرة على اكتشاف ما سيجري في المنطقة.

 

 

آلاء العابد 

كاتبة سورية

 
Whatsapp