كأن ما تحتاجه سورية هو عقد مؤتمرات جديدة، لأن ما عقد حتى الآن لايكفي، يتساءل السوريون. كما أن هناك أسئلة يجب علينا طرحها اليوم على هؤلاء الذين يدعون لمؤتمرات هنا وهناك من أجل استرداد القرار الوطني. فمن الذي سرق القرار الوطني؟ومن الذي يسترده؟ ثم من الذي فوض هؤلاء بالدعوة إلى المؤتمرات؟ومن الذي يمولها؟هل من يدعون لها من الذين يؤتمنون على الوطن؟أسئلة كثيرة نحتاج الإجابة عليها لنستطيع اتخاذ موقف من هذه المؤتمرات بعيداًعن التخوين والمواقف المسبقة.
هل يستطيع القائمون على هذه المؤتمرات والداعين لها من مؤتمر برلين الأشهر، مروراً بمحاولات عقد مؤتمر في أنقرة، وآخر في القاهرة، سبقها مؤتمر توسعة لجنة التفاوض للمستقلين في الرياض.
لم نسمع أي إجابة أو توضيح، ولا أعتقد أننا سنسمع منهم شيئاً سوى الجعجعة التي لا يرى بعدها طحنًا.
إذا ما السر وراء هذا السباق المحموم لعقد هذه المؤتمرات، لن نتكلم عن نظرية المؤامرة التي يؤمن بها العقل العربي علمًا بأنها في الواقع السوري كانت الأشد وضوحاً لأن التآمر الدولي أو التخاذل لازال مستمراً وﻷن مساهمة الجميع في تدمير سورية مع النظام، وإن لم تكن مباشرة كما في حالة الروس والإيرانيين، بل من وراء الكواليس بإيجاد داعش وأخواتها التي استدعت من التحالف الدولي البدء بالتدمير بحجة الخلاص من التنظيمات الإرهابية.
أمام هذا المشهد الواضح وأمام هذه المؤتمرات وضبابية الموقف الدولي بشكل عام حول سورية مازلنا نسمع عن استرداد القرار الوطني، فهذه الكلمة هي قول حق يراد به باطل، إذ أننا نرى نفس الشخصيات تكرر نفسها بعد أن استهلكت ومقتها السوريون فهي التي أضاعت القرار السوري هنا وهناك، وسلمته للداعمين فكيف تستطيع هذه القيادات استرداده إذا كانت هي من استغنت عنه . وهذا ما يجعلنا نشك في ادعاءاتهم والبحث عن أسباب أخرى وراء هذه المؤتمرات، لن أتكلم بلغة التخوين وغيرها، لأن هذا الموضوع يستطيع الإنسان إثباته على الكثير منهم دون عناء، لكنني سأتحدث عن أشياء أخرى ربما أقلها أن هذه الشخصيات تحاول تلميع صورتها لقادم الأيام بحثاً عن دور في مستقبل سورية أو البحث عن مزيد من المال الذي لم يشبع منه أغلبهم بعد بيعهم المواقف هنا وهناك، وكعادتهم للداعمين فقد إعتاد بعضهم على الفنادق والسفر والرفاهية في الوقت الذي يعيش فيه الكثير من السوريين في العراء وتحت المطر هروباً من الموت الذي يحيط بهم فلو تبرعوا بما سيصرف على هذه المؤتمرات لمن في الداخل لكان أجدى وأنفع.
رب قائل يقول بأن الواقع غير الخيال، وسورية تحتاج إلى مؤتمر يستطيع أن ينهي هذه المأساة ويعيد بعض الأمل إلى السوريين، بمستقبل أفضل، لهذا فإن أي مؤتمر يراد عقده يجب أن يضع في سلم أولوياته التخلص من هذه الوجوه المستهلكة التي أكل الدهر عليها وشرب وأثبتت فشلها وارتزاقها على كافة الصعد،إن أكبر خدمة يستطيع تقديمها كل أولئك الذين يتصدرون المشهد السوري منذ عام 2011 في تبادل ممل للأدوارسئم السوريون أداءهم فيه، هو أن يتنحوا جانبًا عن مواقعهم في الواجهة ﻷنهم هم من سرقوا القرار من الشعب وأضاعوه ولن يعيدوه، فهم غير جديرين بهذه الصدارة وأثبتت السنوات الماضية فشلهم، وليفسحوا المجال لجيل الشباب الذي يعول عليه كثيرًا من أجل مستقبل سوري أفضل فهؤلاء الشباب يستطيعون أن يقدموا لسورية الكثير لأنهم غير ملوثين فكريًا أو مالياً أو أخلاقياً كما أنهم هم الأكثر حيوية ونشاطاً ولديهم القدرة على الحركة وقد صقلت السنوات الماضية الكثير منهم وأكسبتهم الخبرة، والمستقبل لهم، ويعرفون ماذا يريدون منه. أعتقد أن هذه هي أفضل خدمة يمكن أن يقدمها متصدرو المشهد السوري للشعب، لعله يعفو عنهم ويذكرهم بالخير في المستقبل فهل سيفعلون؟!
عبد التركي
كاتب سوري