هل فقدنا معنى إنسانيتنا؟


 

   

بعد التطورات الأخيرة التي شهدتها مدينتي حلب وإدلب والتقدم الواضح لقوات النظام السوري وسيطرته على معظم البلدات بعد أن كان خسرها لأكثر من 8 أعوام منذ عام 2012 انتشر في البداية تسجيل مصور لقوات النظام في ريف إدلب / بلدة خان السبل تحديداً عن نبش القبور وتدنيسها ويعود صاحب هذا القبر الذي نبشته قوات الأسد إلى مهنا عمار الدين الملقب بأبو مجاهد وهو قائد عسكري وأحد رموز الثورة السورية في البلدة شارك في المظاهرات السلمية منذ بدايتها ثم أصبح قائداً عسكرياً في صفوف الجيش الحر وشكل بعدها الفرقة 13 كما شارك في عدة معارك في حلب وإدلب وحماة لكنه اغتيل على أيدي مجهولين في معرة النعمان عام 2014 ودفن في بلدته خان السبل ليعود أحد عناصر النظام وبعد 6 أعوام لينبش قبره من جديد وبحسب روايته لينتقم منه. وبعد هذا المقطع انتشر مقطعاً آخر لقوات النظام أيضاً في نبش القبور لكن كانت هذه المرة في ريف حلب وتحديداً في حيان. 

أثارت هذه المقاطع ضجة كبيرة وإستياء رواد مواقع التواصل الاجتماعي ووصفها البعض بالأفعال الإجرامية والإنتقامية لمعارضي نظام الأسد معتبرين أن مثل هذه الأفعال لا تدعم وجود حل سلمي سورية بل إلى الانتقام والتخلص من كل معارض يحاول التفكير بالعودة 

ومع تقدم النظام في ريفي حلب الغربي والشمالي وسقوط بلدات كثيرة منها عندان وحيان وعشرات القرى والمدن أيضاً في ريف إدلب منها سراقب ومعرة النعمان وسقوطها بيد عناصر النظام اضطرت معظم العائلات إلى النزوح باتجاه المخيمات الواقعة على الحدود التركية وإلى مناطق أخرى تعد أكثر أمناً. 

وبالرغم من كل هذا النزوح والعائلات التي تفترش الطرقات وموت الأطفال من البرد فكل هذا لم يؤثر في ضمير المجتمع الدولي وبالأخص بعض السوريين فشاهدنا من سقوط الريف الشمالي والغربي لمدينة حلب فئة قليلة خرجت للاحتفال بالنصر الموهوم والتغني ببطولات الجيش السوري وبالرئيس بشار الأسد وتناسى المحتفلون أخوتهم النازحين الذين لا يبعدون عنهم إلا حوالي بضعة كيلو مترات وحسب الإحصائيات فإن حوالي 900 ألف سوري نزحوا من مناطقهم جراء القصف عليهم مايعتبر أسوأ أزمة نزوح شهدتها سورية إلى الآن.  

سنوات تسع مرت على الثورة السورية شاهدنا فيها الكثير من المقاطع التي تظهر إجرام قوات النظام السوري بحق الشعب السوري وانعدام الإنسانية من العالم الدولي بحق هذا الشعب الذي ضحى بالكثير لنيل حريته والعيش بكرامة فقط، فالإنسانية ليست رأياً سياسياً تؤمن به وتحارب من أجله بل هو الشعور بالآخر والاحساس بألمه ومعاناته. 

فهل أفقدتنا الحرب معنى إنسانيتنا؟؟ وهل اعتادت عيوننا على مشاهد القتل والدم والدمار التي تحصل؟؟ وأخيراً وكما قيل: كثيرون هم ما يزالون على قيد الحياة، ولكن قليلون من هم على قيد الإنسانية.

 

 

آلاء العابد       

كاتبة سورية    

 

 

Whatsapp