كيف يأوي إلى همومي الكفيفة
آدمٌ، وهو يحمل الطين خيفةْ؟
نمْ، فإن اللصوص بالباب أدرى،
يا صغيري، من الأيادي الشريفة
مرّ بعد الشتاء ثلج ولما
يحضر الدفء جمرة أو قطيفةْ
عادةً يوقظ العمى نصف حلم
كيف إن أغلقت عيونٌ رصيفه؟
رحلتي من مضارب الغيم حتى
نشوة الحقل لم أجدها خفيفةْ
نار حواء لم تلد غير جمر
منذ ردت إلى شتائي ظروفه
شكّلت من غواية الماء أنثى
ذات حسنٍ لها النجوم وصيفةْ
فصّلت من عباءة الريح أختي
ثوبها والغيوم زمَّت نصيفه
صنَّفوا البحر في عيون العذارى
لوحةً لوَّنت برمش صنوفه
قبل حواء ما بنى الحب بيتا
أو بكى شاعرٌ، وأبكى رديفه
هل أتى شاعرٌ إلى باب أنثى
وهي تلقي على الغواني حروفه؟
يولد الماء من رياح، وتنمو
شجرة الخلد إن تخطت خريفه
***
كنت مثلي في عالم الغيب ماءً
تشهد الأرض كيف تسبى العفيفةْ
لم تكن سيدا، ولم أك عبدا
منذ قال الإله كونا خليفةْ
نحن في صورة المرايا جماد
يرفض الصخر للصدى أن يضيفه
لم نذق من بيادر الحلم إلا
غصة منذ أفقدتنا رغيفه
قابليني دمشقُ، لا أمّ عندي
تنسج الدفء بالأغاني الشفيفة
كم حكيمٍ جنى من الحرب حزنا
وانزوى بالضمير يحصي ألوفه!!
بعد هذي الدماء يا شام بيتي
قاتلُ الأمهات لن يستضيفه
كان قلبي إليه يسعى، وروحي
أخرجته من الليالي المخيفةْ
ذلك الطائفيّٰ بالشام يدري
أن صوت الشهيد يسبي سيوفه.
محمد إبراهيم الحريري
شاعر سوري