الأبرياءُ النازحون


 

 

 

النازحونَ وقد تنكّبَ بعضهم 

درب النزوحِ

مُحمِّلاً آهاتِهِ في صرّةٍ

مع ما يسدُّ الجوعَ للعُصفورِ 

في بطنِ الخَواءْ.

 

اللائذونَ ببعضِ آياتٍ

ليحفظَ ربُّهم دُوراً بنَوها

دمعةً حرّى تناجي أختَها

في البدءِ كانتْ غرفةٌ للكلِّ، 

يخْلدُ تحت سقفٍ

من شقاءْ.

 

وبُعيدَ ذلكَ أبرمُوا مع فقرِهمْ 

عقدَ التصالحِ

كي يزيدوا غرفةً أُخرى

ليكتملَ البناءْ.

 

أحلامُهم كانتْ بتأمينِ الكَفافِ

وما تعاطَوا بالسياسةِ

أو بمَن سرقَ البلادَ وقادَها 

نحوَ الفَناءْ.

 

قد ضاعَ بيتُهمُ وضاعَ أثاثُهُ

وغدوا بلا مأوى

يقاسونَ العَراءْ.

 

غسّالةٌ عاديّةٌ

باعَتْ لأجلِ شرائِها، الأمُّ العظيمةُ، 

ما بأذْنيها منَ الأقراطِ 

حتى تستريحَ

ولو قليلاً من عَناءْ..

 

ثلّاجةٌ كانت لهم حلماً

وبالتسليفِ أمكنَهم سدادُ المالِ

بعد تقشّفٍ بلباسِهم

أو في الغذاءْ.

 

في كلِّ ركنٍ

من زوايا بيتِهمْ ذكرى

هنا رقدُوا هنا أكلوا

هنا غسلوا هنا وقعوا

هنا صرخوا هنا ضحكوا

هنا جاعوا هنا عطشوا

هنا كانوا على السطحِ العليلِ

يسامرونَ نجومَهمْ صيفاً بحبٍّ 

كي يناموا في هناءْ.

 

الهائمونَ على وجوهِ الأرضِ

لا يدرونَ أنّ حُداةَ هذي الحربِ

قد نصبُوا لهم

من حزنِهم خيمَ الهَباءْ.

 

النازحونَ الأبرياءُ

وما لهم إلّا الإلهُ

لكي يخفّفَ عنهمُ هذا البَلاءْ.

 

 

حسام الدين الفرا

شاعر سوري

 

 
Whatsapp