تسع سنواتٍ سورية مضت


 

بدأت ثورات الربيع العربي ضد الأنظمة الاستبدادية قبل 9 سنوات في تونس ومصر وليبيا واليمن ومن ثم خرجت في سورية.بدأت انتفاضة شعبية لتمتد إلى جميع المناطق السورية. خرجت في البداية مظاهرات من درعا على خلفية اعتقال عدد من الأطفال لكتابتهم عبارات متمثلة في الحرية والثورة.طالب المحتجون في البداية بإطلاق سراح المعتقلين وإجراء بعض الإصلاحات المشروعة والتي اعترف النظام بها في وقدم الوعود للقيام بها.

اتسعت رقعة المظاهرات بعدها لتشمل جميع المناطق السورية وخرجت الاحتجاجات السلمية في كل من حمص وحماة وحلب والعاصمة دمشق طالب المحتجون فيها برحيل نظام الأسد بعد فقدان الأمل في التغيير وإجراء الإصلاحات من قبل النظام وبعد سنوات من القمع والظلم والاستبداد.

مع اقتراب إتمام السنة التاسعة لانطلاق الثورة السورية في الخامس عشر من آذار/مارس يبدأ السوريون عامهم في تحدي جديد أمام خيارات ضئيلة في تحقيق الحلم السوري خاصة بعد تحويل الثورة السورية من حقوق مشروعة إلى صراع دولي تتصارع الدول على الأرض السورية فيما بينها.

كان عام 2019عاماً مليئاً بالصفقات الدولية فالبداية كانت من الخامس عشر من آذار حيث أعلن الرئيس الأميركي اعتراف بلاده بسيادة إسرائيل على الجولان السوري المحتل وشروع إسرائيل في الدفاع عن نفسها في حال تعرضت لأي هجمات ضدها وإعلان نية أميركا أيضاً الانسحاب من الأراضي السورية.

جاء بعدها إقرار قانون قيصر لحماية المدنيين في سورية والذي يفرض عقوبات على مرتكبي جرائم الحرب وعلى جميع الأفراد والمؤسسات التي تدعم النظام السوري ويسعى القانون أيضاً إلى فرض عقوبات اقتصادية على الحكومة السورية مما أدى إلى انهيار في الليرة السورية ليصل سعر صرف الدولار الواحد مايقارب 1000 ليرة سورية وهذا الانهيار لم يحدث أبداً في تاريخ سورية الحديث. اعتبر البعض قانون قيصر بداية إيجاد حل في سورية خاصةً بعد محاسبة من تلطخت أيديهم في دماء الشعب السوري ووضعهم على القائمة السوداء.

ومن أهم الأحداث الدولية التي شهدتها سورية أيضاً عملية نبع السلام العسكرية التركية بمناطق شرق الفرات بالتعاون مع الجيش الوطني السوري لتأمين حدود تركيا من التنظيمات الارهابية وإقامة منطقة آمنة تسمح العودة للاجئين.

تباينت ردود الأفعال الدولية والعربية تجاه عملية نبع السلام ودعت جامعة الدول العربية بعد صحوتها تركيا إلى إيقاف العملية انتهت بعدها إلى توصل الرئيسين الروسي والتركي إلى اتفاق بخصوص هذه المنقطة. وجاء بعد قانون قيصر إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب مقتل زعيم مايسمى بتنظيم الدولة في العراق والشام أبو بكر البغدادي في ادلب وبهذا تكون أميركا أعلنت النصر على داعش.أما محلياً فيعتبر عام 2019 الأكثر دمويةً في ادلب حيث واصلت قوات النظام السوري مدعومة من روسيا والمليشيات التابعة لإيران باستهداف مناطق في ريفي حلب وإدلب تعتبر مناطق خفض التصعيد ضمن اتفاق آستانة.

سيطرت قوات النظام على مناطق واسعة من ادلب كانت بدايتها سقوط خان شيخون ومعرة النعمان وسقوط الريف الغربي الشمالي لمدينة حلب بالكامل بعد سيطرة قوات المعارضة على هذه المناطق لأكثر من 8 سنوات. كل هذه الهجمات أجبرت على نزوح أكثر من 900 ألف شخص إلى الحدود التركية ومناطق أكثر أمناً مايعتبر النزوح الاكبر منذ بداية الثورة السورية.

ما أجبر تركيا إلى حشد قواتها على الحدود السورية وإعلان عملية درع الربيع خاصةً بعد استهداف قوات النظام السوري الجيش التركي وإعلان استشهاد أكثر من 33 جندي في سورية ومواجهة تركية للنظام السوري لأول مرة بعد استهداف أرتال للجيش السوري وتعطيل عدد من طائراته.

مع كل هذه المتغيرات كانت الضربة الكبرى للنظام هي إعادة خروج مظاهرات في درعا بالرغم من سقوطها بيد قوات النظام السوري هذا ما أعطى أملاً جديداً للسوريين، فالبداية كانت من درعا ولتثبت هذه المناطق للعالم عدم رضوخ الشعب للظلم والاستبداد وهنا يكمن الأمل في ظل وجود الألم للسوريين فكل هذه المتغيرات والفشل الدولي في إيجاد حل سياسي خاصة بعد فشل اللجنة الدستورية في كتابة دستور للبلاد كل هذا يعطي أملاً لو ضئيلاً للسوريين لهذا الشعب الذي دفع الكثير من الدماء لنيل حريته والعيش بكرامة لأن إرادة الشعوب لا تقهر حتى بعد 9 سنوات لم يستطع النظام السوري ولا حلفائه من إعلان النصر على هذا الشعب الصامد. ويبقى السؤال الأهم هل ستنتهي معاناة السوريين في هذا العام بعد كل هذه المتغيرات؟؟ربما الأيام القادمة تحمل بعض الإجابات، لكن الأكيد أن التغيير حاصل والشعوب أبقى من الحكام وهذا العقد من الصراع العنيف سينطوي ليكون ما بعده أفضل مما قبله لتمضيتسع سنوات ولتأتي بعدها سنوات أفضل وأنقى.

 

 

آلاء العابد

كاتبة سورية

 

 

 

 

Whatsapp