في السنة العاشرة للثورة .... ليكن عامًا للحوار


 

انقضت تسعة أعوام ودخل العام العاشر على الثورة التي خرج بها الشعب السوري ضد الفساد والافساد والظلم والاستبداد، تلك الثورة التي أرادها السوريون ثورة تنادي بالحرية والكرامة وأرادها النظام على نهج الأسد أو نحرق البلد وأرادها بعض أصحاب الأجندات خدمة لمشاريعهم الضيقة ليؤسسوا إماراتهم أو كانتونات حكمهم، ثورة أرادها السوريون من درعا " الموت ولا المذلة" فيرتد صداها في عامودا " واحد واحد واحد الشعب السوري واحد". لكن النظام أرادها تمردًا مسلحًا يقوده متعصبون وجهاديون يقطعون الرؤوس ويمثلون بالجثث، وبكل أسف نجح النظام في تصدير كثير من رؤيته، وبالمقابل فشلت معارضتنا وفصائلنا في تشكيل جسم مرتبط عضويًا بالداخل السوري يعبر عن تطلعات وآمال هذا الشعب ويدحض مزاعم النظام، ويكون واجهة حقيقية لا مجرد محاصصات إقليمية وايديولوجية.

قد يكون من نافلة القول الحديث عن أن مسار الأحداث اليوم أصبح بيد دول إقليمية ودول عظمى، وأن قضيتنا السورية أصبحت اليوم في بازار سياسي دولي كبير، إضافة إلى مناكفات بين قوى إقليمية وبعض دول الخليج التي دعمت المعارضة المسلحة حينا ونظام الأسد أحياناً محركها الأساس في ذلك هو وقف ثورات الربيع التي بدأت خوفًا على عروشهم ونفطهم.

وبعد أن كان حلم الثورة في سورية حرة كريمة، بدون عائلة الأسد وزبانيته أصبح أكثر من نصف شعبها مهجرًا داخليًا وخارجيًا، وأصبحت آمالنا محصورة في انتظار نتائج الاتفاقيات الإقليمية والتفاهمات الدولية. لم نكن بعيدين عن صناعتها والتأثير فيها فحسب، بل حتى إننا لم نكن نعرف قراراتها إلا بعد أن تطبق على الأرض.

 كانت أحلامنا من درعا إلى عامودا، وأصبحت اليوم عيوننا على M4 وM5 وما سيترتب عليها.

الأنكى من ذلك كله أننا وبعد " واحد واحد واحد الشعب السوري واحد " تخندقنا وراء تلك القوى التي تؤثر في الساحة السورية وصرنا أبواقًا لها وصارت هذه القوى أقرب إلينا من بعضنا البعض، هذه الدول الاقليمية تخدم مصالحها ونحن أيضًا نساعدها في حماية مصالحها وحتى أصبح البعض ينظر من منظارها بدون أي اعتبار لمصالح الشعب السوري والثورة السورية.

النظام وضع بيضه في السلتين الروسية والإيرانية ونحن أيضاً توزع بيضنا في سلال متعددة والنتيجة أننا أصبحنا أشبه بالمتفرجين في قضيتنا لا أكثر، نتابع القنوات الإخبارية والتصريحات الإعلامية، ونشاركها على صفحاتنا الفيسبوكية وفقًا لتوجهاتنا. 

أما آن لنا أن نعرف وبعد كل هذه السنوات التي مضت وبعد كل هذه الأعداد من الشهداء والمعتقلين والمهجرين أننا ليس لنا نحن السوريين الذين خرجنا مطالبين بالحرية ولم تتلوث أيدينا بدماء بعضنا إلا أن نجلس ونتحاور ونتقبل اختلافاتنا ونتحمل بعضنا، لا أدعي أنني امتلك حلاً ولا اعتقد أن أحدًا اليوم في ظل هذا الوضع المعقد يمتلك حلًا، لكن آن لنا أن نجلس سويًا كسوريين لنتحاور فلا مخرج لنا إلا أن نكون معًا، ففي بداية الثورة خلق هذا الحوار تنسيقيات للثورة ثم خلق مجالس محلية كانت رائدة في إدارة مناطقها وخدمة سكانها.

ليكن العام العاشر للثورة عامًا للحوار بيننا جميعًا كسوريين، حوار في كل مدينة سورية، حوار في كل مدينة يتواجد فيها سوريون في المنفى، حوار يكون مقدمة للعمل، حوار يضع الأيديولوجيات جانبًا، حوار يبحث عن التوافقات ونقاط التلاقي، حوار سقفه الوطن ومصالح الناس كل الناس.

 

أحمد طه 

كاتب سوري

 

 
Whatsapp