من أجل الثورة في ليون


 

منذ انطلاق الثورة السورية في منتصف آذار من عام 2011 والتي نادت بالحرية والكرامة والخلاص من النظام الأسدي الديكتاتوري، وقف المهاجرون السوريون في أوربا مع معاناة أهلهم في سوريا وسارعوا لتقديم كل أشكال الدعم التي يملكونها مادياً ومعنوياً، وأقاموا تجمعات وتظاهرات واعتصامات لتعريف الأوربيين بأهداف الثورة السورية السلمية ومحاربتها من قبل النظام الأسدي المجرم، وتوضيح أن يوم 15 آذار/مارس 2011 يوم تاريخي في ذاكرة السوريين كونه يتزامن مع بدء الثورة أو "الربيع العربي" السوري في هذا البلد الذي عاش تحت قبضة من حديد لمدة 40 سنة أحكمها عليه نظام الدكتاتور حافظ الأسد والد السفاح بشار الأسد.

وفي مثل هذا اليوم، خرج متظاهرون في العاصمة دمشق في احتجاجات شعبية للمطالبة بتحسين أوضاعهم الاجتماعية والحصول على حقوقهم المدنية والسياسية، وبعد أيام قليلة، انتقلت المظاهرات إلى مناطق أخرى، مثل مدينة درعا جنوب سوريا، التي خرج سكانها في مظاهرات شعبية عارمة ضد النظام الذي استخدم العنف ضد المحتجين، ما أدى إلى مقتل عدد من المدنيين.

فمن مظاهرات شعبية سلمية، تأزم الوضع ليتحول إلى حرب طاحنة من قبل نظام استبدادي مجرم ضد شعب أعزل، خلفت أكثر من مليون شهيد و7 ملايين لاجئ فضلا عن 6,3 مليون نازح.

وأعادت الحرب في سوريا رسم خريطة "جيو سياسية" جديدة في المنطقة وظهور لاعبين سياسيين وعسكريين جدد، على غرار روسيا وإيران وحزب الله اللبناني.

وفي وقت تحولت سوريا إلى حمام دم فإن المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة والأمم المتحدة، لا يرغبون بوقف المأساة وفرض حل سياسي يحمي حياة المدنيين الأبرياء.

في فرنسا أنشأت العديد من الجمعيات والمنظمات السورية لدعم أهلهم وتعريف الفرنسيين بما يحدث في الداخل السوري، من هذه الجمعيات النشيطة (الهيئة الإعلامية من أجل سوريا حرة ديمقراطية)، تم ترخيصها بمدينة ليون وتوسعت أنشطتها من خلال جذب الفرنسيين وتعريفهم بالثورة وكسب تأييدهم وتعاطفهم والاسهام بتنظيم اللقاءات والمحاضرات والندوات والاعتصامات، مع الحرص على توسيع قاعدة المؤيدين للثورة من الفرنسيين.

ومنذ بداية شهر شباط 2020 كثفت جهودها واجتماعاتها للتنسيق والتحضير لذكرى مرور تسع سنوات على انطلاق ثورتنا، وقامت بتجهيز بروشور صغير باللغة الفرنسية يتحدث بإيجاز عن بداية ثورة الياسمين وقمعها من قبل النظام بكل الأسلحة المحرمة دولياً بما فيها الأسلحة الكيماوية، ووضع مناسبة على الفيس ومشاركتها عبر صفحات كل السوريين المتواجدين في مدينة ليون، والتواصل مع منظمات وجمعيات وشخصيات فرنسية مؤثرة لجمع تواقيعهم المؤيدة للثورة والمنددة بجرائم الأسد والاحتلالين الروسي والإيراني.

وتشكيل مجموعات لتقديم إضاءات عن ثورتنا للفرنسيين تعرض تاريخ الثورة السلمية وطبيعة النظام الاجرامي، والحديث عن المجازر اليومية التي ترتكب بحق أهلنا بإدلب وأرياف حماة وحلب، مع لفت انتباههم إلى مخطط التغيير الديمغرافي الذي يعمل النظام على تهجير المدنيين وإسكان الميليشيات الشيعية، والإشارة إلى أن النظام السوري قد منح ثلاثة ملايين إيراني الجنسية السورية لتنفيذ هذا المخطط.

وتم الاتفاق على توزيع البروشور في المدارس والمعاهد والجامعات وفي الشوارع والكنائس، في محاولة لتصحيح نظرة الفرنسيين بفضل الاعلام بأن ما يجري في سوريا هي حرب أهلية وحرب ضد الإرهاب، وتوضيح أن الحرب التي تجري في سوريا هي من قبل نظام مجرم على شعب طالب بالحرية والكرامة، وأن العالم قد وقف ضد إرادة الشعب السوري بتحقيق الديمقراطية في سوريا.

والتأكيد على أهمية مشاركة الشخصيات الفرنسية المتضامنة مع الثورة ومع حق الشعب السوري بالتغيير، ودعوتهم للمشاركة بالوقفة التضامنية مع الثورة في 15 آذار في ليون.

وإيصال رسالتنا للمجتمع الفرنسي كمنظمات المجتمع المدني والتكتلات السياسية، كونها تساهم بشكل حقيقي بصنع القرار السياسي في فرنسا، التواصل معهم لتحقيق المناصرة وكسب التأييد الشعبي للثورة السورية.

مع التحضير ليوم الاحتفال بعرض مسرحي إيميائي عن الانتخابات الصورية التي كانت تجرى في سوريا من خلال احضار صندوق انتخابي بحضور شرطة ومخابرات وذلك بسبب تزامن ذكرى ثورتنا مع الانتخابات البلدية التي تجري في فرنسا، كما سيتم احضار مكبرات صوت لبث أغاني فرنسية وانكليزية متضامنة مع الثورة السورية بالإضافة إلى نشيد موطني وأناشيد أيقونة الثورة السورية عبد الباسط ساروت،  مع وضع علم كبير في الساحة وحمل أعلام ولافتات وصور المعتقلين، وصور عن الدمار الذي ألحق بالمدن السورية.

وتوجيه دعوات مكتوبة للسوريين وللفرنسيين وللمنظمات والجمعيات الفرنسيين ولعدد من الإذاعات والأقنية التلفزيونية لحشد تأييد إعلامي وجماهيري للمناسبة.

ما لمسناه أن معظمهم لا يعرف كثيراً عن سورية، وكل ما يعلمونه هو ما يقدمه الإعلام الغربي، أي وجود "داعش" وأن النظام من يحاربه، علينا أن نوضح الحقيقة لهم وهي أن الشعب السوري ضحية إرهابيين، إرهاب "داعش" وإرهاب النظام".

المؤلم أن الكثير من السوريين الذين وصلوا إلى أوربا وليون بفضل الثورة السورية قل اهتمامهم بها وعزفوا عن المشاركات في الوقفات التضامنية مع معاناة أهلهم في الداخل، وفي بدايات الثورة في عام 2012 وكان عدد السوريين قليل نسبياً بالعدد الحالي، كان الحضور يتجاوز الألف مشارك، أما الآن فلا تتجاوز المشاركة في التجمعات والمظاهرات من أجل سوريا وثورتها في أحسن الأحوال المئة شخص.

والمقارنة المؤلمة أن حفلا غنائياً أقامه الشبيح الداعم لنظام القتل والاجرام مارسيل خليفة في ليون تجاوز عدد الحضور من السوريين الخمسة آلاف ودفعوا الكثير من المال لمن يدعم القاتل.

 
Whatsapp