أمّ الصبيّ


 

 

 

ما للملاحم طوّحتْ بجيادها

مَنْ روّع الإبداع فيك وأجفلكْ؟!

غرقتْ نصوصك في نبيذ دمائنا

شربوا الكؤوس وأسكروا مَنْ حلّلكْ

فإذا هجرتك، ليس طبعي إنّما

صرتَ الرماد وجمر قلبيَ أشعلك

**

هذي القصائد من ندىً مسكوبةٌ

لتغلّ في زهر البلاد.. وتُخضلك

من صهلةٍ في الخيل مرّتْ تحتمي

لكأنها طُعنتْ وصابتْ مقتلك

ومن النشيد ومن صلابة زانه

نقشوا "هلا" الترحاب في ألوانه

ليصير أبواباً 

لحُرمة منزلك

**

صنعوه خصيصاً لدارٍ أينما

دارت بك الدنيا

تحنّ ويُرجعكْ

ومعادن الكلمات من

زند الشباب تُجسّر الطرقات كي لا تقطعك

فإذا سمعتَ الآن صرخة ميّتٍ

فاعلم بأن الجند داسوا في مجازي أضلعك

**

أنت ال كبُرتَ على الجراح وعمقها

لكنْ بقيتَ بحضن قلبيَ أُرضعك

سبعٌ عجافٌ قيل إن مغولهم

لن يرتووا من دمعنا 

أو يرتووا من نزفنا

فرفعتُ أضلاعي أُسوّرُ مضجعك

مرّوا … وكان الصبح يرفع حُجبه

في حين تُنزلها لتحجب مدمعك

أدري بما احتاطوا وما جلبوا لنا

غرباء ممن يمتطون دماءهم… لتروعك

   **                                            

كل العصافير التي مرّت ْ، بكتْ

أمّا اليمامة أخبرتني إذ رأت

شجراً بعيد الضوء يُخفيه الحلكْ

كانت خيام القوم تقطف أنجماً

وأنا ألمُّ من الثرى لأُضيء لك 

والكلُّ مشغولٌ كأن منوِّماً أسرى بروحي ليلةً

ولكل قصرٍ كان يأخذني الملك

*

قالوا بأنك أخطر الألوان في سرّ التوحد والشجن

وبأنك الأغنى إذا احتاجوا لأقماح الأخوّةِ أو

لقطن النخوة، أو للزمنْ

ولقد تُشكّل ما يُهدد بُنية الأخلاق في معنى الوطن

وأخافهم أن الصغار يبوّسون الخبز، يلتقطونه

إن كسرة بين الزحام تيبستْ في معلمك

وإذا أزالوا كلَّ بسطار لهم، من ذا تُراه سيقمعك؟!

أمّا إذا غلّ الربيع بأرضنا

من يقلع الأشجار أو من يقلعك؟!

فتجمعوا من كل صقع.. قرروا

أن يتركوك على رصيف الكونِ 

تنزف شعبك المقهورَ أرتالاً لهم

من بعدما فجّوا دماك ومنبعك

وكأنني في الأرض فُضتُ على الخليقةِ 

واندلقتُ على الثرى

عنبا وجرّة ياسمينٍ، هل تُرى

أنا من سُفحتُ وذا تُراه أفزعك؟!

لا ما ارتضيتُ بأن تُصيبك وردة

لمسُ الحنين يهزني إن أوجعك

**

خلف المدى من آهتي

من منفذ للريح غابت رؤيتي

وعلى البحار طللتُ كي أتأملك

لي فيك وقتٌ من ثراء سلالتي.. لا من ذئاب 

في قميصك تأكلك

يا للسفينة كم تآمر ماؤها 

هل أعلموها يا ترى أن الحقائب تحملك؟!

فظننتُ أن "سطورهم كُتبتْ بماء"

ما ظننتُ بأنها ستكون أكفاناً لهم

والبحر مقبرة توسّع من مداك ومدخلك

أنا والسماء نصبُّ عصرةَ آهنا

لم يرتووا من شامنا

دفق الفراتين ولا النيلين يرويهم ولا ماء العرب

علمي بأني قد كتبتك، أو نذرتُك للهرب

طفلاً بصندوق الخشب

تطفو به لأُمرّرك

بلدي 

وضلعي من غصون قصيدة

حرقوا مطالعها بزيت معاصرك

فشهقتُ من رعبٍ بأنك لست ليْ

وصرختُ بالأم الكذوبةِ.. تغمرك

ولداه.. ما قدمتُ من كبدي لهم إلّا لكي 

لا أشطُرك.

 

 

ابتسام الصمادي

شاعرة وكاتبة سورية

 
Whatsapp